Checkout

خطب الجمـعة

faheemfb@gmail.com

221

      

 

     
 

     


بسم الله الرحمن الرحيم

تزكية النَّـفــس (2019)                                       

كتبها : عبد الرزّاق طاهر فارح

ترجمها إلى الإنجليزية: د . فهيم بوخطوة

 

18 ربيع الأوَّل  1441

15 نوفمبر 2019

 

أحبتي في الله ،،

 

ما هي تزكية النَّفس في شرعنا؟ هي تطهير النَّفس وإصلاحها بالعلم النَّافِعِ والعمل الصالح.

تطهيرها مِنَ الأَذْرَانِ والأَوْسَاخِ، والذُّنوب والمعاصي، مِنَ الشِّرْكِ، مِنَ الشَّكِّ، مِنَ الغِلِّ والنِّفَاقِ. مِنَ الرِّيَاءِ، مِنَ الحَسَدِ، مِنَ الهَوَانِ، مِنَ العُجبِ والكِبْرِ. مِنَ الغُرُورِ، مِنَ الكَذِبِ، مِنْ شَهَادةِ الزُّورِ، مِنَ البَاطِل ومِنَ الدَّعْوةِ إلى الضلال، إلى غير ذلك مِنَ الأمراض.

 

وتزكيتُها بالتَّوحيد والإيمان والإخلاصِ واليقينِ والرَّجاءِ، والـمَحَبَّةِ والتَّوَكُّلِ، والإنابَةِ والتَّفْوِيضِ والـخَـشْـيَةِ والإستعانة، والإستِغَاثَةِ بِهِ وَحْدَهُ، إلى غير ذلك مِنْ مقامات يجبُ أنْ تَتَرَقَّى فيها النَّفسُ حتى تصِلَ إلى رِضى رَبِّ السموات والأرض.

 

وكما يحتاج البَدَنُ إلى الأغذية التي تنفَعُهُ ولا تَضُرُّهُ لِكَيْ ينْموُ، كذلك النَّفْسُ، لا تنمو ولا تزكو إلا بتطهيرها من هذه الأمراض والأذْران، وبتزكيتها بهذه الأعمال والمقامات.

 

وقد أقسم الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم أحد عشر قَسَماً على فلاحِ من زكَّى النَّفس، وخيبة وخسران وهلاك من أهملها ودسَّاها. فقال جلَّ وعلا: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا * وَالسَّمَاء وَمَا بَنَاهَا * وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا * وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا } 1-191:10. هذا القَسَمُ الذي أقسم الله جلَّ وعلا به يَدُلُّنا على عظمة وجلال تزكية النَّفس وأهميّة التَّزكية، ويَدُلُّنا على خُذْلانِ وخيْبَةِ من تركها دسَّاها.

 

فالنَّاسُ صِنْفان: صِنْفٌ قاد نفسه وألجمها بأسياط الخوف مِنَ الله، والـحُبُّ له. فقادتْهُ إلى كُلُّ خَيْرٍ الدُّنيا والآخرة. وصِنْفٌ قادَتْهُ نَفْسُه وقَهَرَتْهُ. وجَعَلتهُ مِطِيَّةً إلى كُلِّ شَرْ، وإلى كُلِّ خُسران في الدنيا والآخرة.

 

لذلك قدَّم الله جلَّ وعلا في ثلاثَةِ مواضِع في القُرآن الكريم، التَّزكيةَ عَلَى التَّعليم للقُرآن وعلى الحِكْمَة. وهذا إن دَلَّ على شيءٍ إنَّما يدُلُّ على جَلَالِ التَّزكية، وأهميَّتها. إذ ما قِيمَةُ العِلْمِ، وما قيمةُ الحِكمَة بِلَا تزكيةٍ للنَّفس؟ وبِلا إخلاص وبلا إيمان، وبلا تواضُعْ، وبلا إنكِسارٍ حقيقيٍ للّهِ؟ وبِلَا خَفْضٍ لِجَنَاحِ الذُّلِّ لِخَلْقِ الله.

 

ما قيمة العلم إنْ لَـمْ يُوَرِّثُنا الخَشْيَة مِنْهُ سبحانه؟ إنْ لَـمْ يُوَرِّثنا قِيامَ اللَّيل؟ إنْ لَـمْ يُوَرِّثنا الأدَب؟ إنْ لَـمْ يُوَرِّثنا التَّواضُع؟ إنْ لَـمْ يُوَرِّثنا العَمَل الصَّالح؟

وما قِيمَةُ العِلْم والحِكْمَة إنْ لَـمْ أَكُنْ حكيماً في أقوالي وأفعالي وأحوالي؟ إن لم أَنْظُر إلى مَآلَاتِ كُلِّ قَوْلٍ وفِعْلٍ يَصْدُرُ عَنَّا أو مِنِّي؟

وما قيمة العِلْم والحِكْمة بلا تزكيةٍ حقيقةٍ للنَّفْس؟

 

قال اللهُ جلَّ وعلا: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ } 3:164.

أحبتي في الله ،، نحن نحتاج إلى تزكية، إلى أن نُزَكِّي أنفسنا. وخطوات تزكيةُ النَّفْس هي:

 

أولاً: أنْ تُحقِّقَ التَّوحيد والإيمان على مُرَادِ الله، وعلى مُرَادِ رسولِهِ.

 

ثانيا: إتِّبَاعُ المصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم، وأن تسيرَ على دَرْبِهِ في الأذكار، في القِيَامِ، وفي التَّسْبِيحِ وفي الصَّلاةِ، وفي الأخلاق وفي الـمُعاملاتِ، وفي الهَدْيِ. في الصَّمتِ وفي الكلام، وفي كلِّ شيءٍ.

 

ثالثا: المحافظةُ على الفرائض والنَّوافِل .

أمَّا الفرائض فهي واجِبَةٌ عليكَ أن تُؤدِّيها كاملةً غير منقوصة. أمَّا النَّوافِل فما إستطعت. يقول النّبي صلى الله عليه وسلَّم: [ إنَّ الله تعالى قال: ....، وَمَا تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ، وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْت سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ ].

 

رابعاً: الـمُحافَظَةُ على الأَذكار

وهي أذكار الصَّبَاح والـمَسَاء وغير ذلك من الأذكار. يقول الله جلَّ وعلا:

{أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} 13:28. ويقول النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم: [ لا يزال لسانك رطِباً مِنْ ذِكْرِ الله ].

وكُنْ مُرْتَبِطاً بِذِكْرِ الله جلَّ وعلا حتى تكونَ حيًّا زاكياً بنفسك.

 

والخامسة: الصُّحْبَةُ الصَّالِـحَة

وهذه الخمسة التي ذكرناها هي أعظمُ الوسَائِلُ الـمُعِيْنَةُ لِتَزْكِيَةُ النَّفْس.

وأسأل الله جلَّ وعلا أن يُزكِّي أنْفُسَنَا، إنَّهُ على كلُّ شيءٍ قدير.

 


faheemfb@gmail.com   فهيم بوخـطـوة ،، البريد الإلكتروني