خطب الجمـعة |
|
|
220 |
بسم الله الرحمن الرحيم
نعمة الولد (2019)
كتبها : عبد الرزّاق طاهر فارح
ترجمها إلى الإنجليزية: د . فهيم بوخطوة
14 المحرَّم
144113
سبتمبر 2019
أحبتي في الله ،، لقد تفضَّل الله على عباده بِنِعَمٍ لا تُحْصى. فكلُّ نعمةٍ يراها العبد على نفسه هي هِبَةٌ من الله. قال تعالى: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} 16:53. واعلموا أنَّ هناك نِعَماً لِعِباده خَصَّ الله بها فِئَةً مِنَ النَّاس، وحرمها فِئَةً أخرى. إبتلاءً منه سبحانه، وتمحيصا لعباده. قال تعالى: {لِّلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا ۖ وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} 49-42:50. فَمِنْ أعظم النِّعَم على الإنسان بعد نِعمةَ الإسلام، نِعمةُ الأولاد. لا سِيَّما الولد الصَّالح. ولا يعرف نعمة الأولاد إلاَّ مَنْ حُرِمَها. فكم مِنْ النَّاس مَنْ مُنِعَ نِعمة الأُبُوَّة والأُمُومَة. فتراه يسعى جاهداً ليلاً ونهاراً للحصول على الولد الذي فقده. ولكن قَدَرَ الله فوق كلُّ شيءٍ. لأنَّه سُبحانه عليم قدير، يختبر العباد، ويَمْتَنُّ على مَنْ يشاء.
أحِبَّتي في الله ، أمرنا ربُّنا تبارك وتعالى أن نُرَبِيَّ أولادنا، وأن نقيهم مِنَ النَّار. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} 66:6. بمعنى أنَّ الإنسان لا يقتصر على صلاح نفسه، وإنَّما يسعى في إصلاح من ولَّاه الله عليهم من أهل بيته من نساءه وأولاده، وأن يقيهم من النَّار. إسمع ماذا قال النّبي صلى الله عليه وسلم حتى تُقَرِّر أين تُريد أنْ يكون وَلَدُك. كما في الصَّحيحين من حديث أبي هُريرة رضي الله عنه قال: قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: {كلُّ مولود يُولد على الفطرة، فأبواه يُهَوِّدانه أو يُنَصِّرانه أو يُمَجِّسَانه}. والمراد،، أن هذا المولود مفطور على معرفة الرَّب عزَّ وجَلّ ومحَبَّتِه. بحيث أنَّه إذا جاءه رسُولٌ بِشريعةٍ تُوافِق ما فُطِرَ عليه، وضُبِطَ عليه، يَسْهَلُ عليه أن يتقبَّل هذه الشريعة. شريطة أن لا تكون فِطْرَتَه إنحرفت كما هو واضحٌ في الحديث.
كلُّ أبٍ وأمٍّ في هذه الحياة يرجوا أن يكونَ أولاده من خيرِ الأولاد تربيةً وصلاحاً في دِينهِم وخُلُقِهِم. ومَنْ أكْرَمَ الله جلَّ وعلا بأبناءه، وتوَفَّرَتْ فيه هاتين الصِّفتين فقد نال خَيرَ الدنيا والآخرة.
أحبتي في الله ، نحن مَسْئولونَ أمام الله تبارك وتعالى عن الأولاد. لا تُهْمِلوا أولادكم فتندموا. ولا تَتْرُكوهُم يَسرحون، ويمرحون ويفعلون ما يشاؤن دون إشراف ورعاية. أنتم تعرفون هذه البيئة التي نَعِيشُ فيها. عباد الله، فوظيفتي ووظِيفتَكَ تُجاه أولادك أنْ تدُلَّ الولَدَ على الحق وعلى الفضيلة. وأأنْ تُربِّي الأمُّ إبنتها على الحِجَابِ وعلى الفضيلة وعلى الطُهْرِ والعِفَّةِ وعلى الكرامة. وأن نَدَعَ النَّتَائِجَ بعد ذلك إلى رَبّنا. لأنَّ الهِداية والتوفيق بِيَدِ الله جلَّ وعلا.
إذن علينا أن نصطحب أولادنا إلى المساجد، إلى بيوت ربّنا. وعلى القائمون على المساجد أن يُعاملوا أولادنا معاملةً رحيمةً رقيقةً. وإنْ أخطأ أولادنا في المساجد فلا ينبغي أن نُعَامِلهُم مُعاملة الكبار. وإنَّما يجب أن نُعامِلهم مُعاملة الأطفال، وأنْ نُصَحِّحَ لهُم الخَطأ، وأنْ نُوَجِّهَهُم التوجيه الرَّبَّاني القرآني النَّبَوي الصَّحيح. وأن نَدعوا الله أن يحفظهم وأن يجعلهم قُرَّةَ عَيْنٍ لنا في الدُّنيا والآخرة. {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا } 25:74.
يقول النّبي صلى الله عليه وسلَّم: {كلُّكُم راعٍ وكلُّكُم مسئُولٌ عن رَعِيَّته، والرَّجُل راع على أهل بيته، وهو مسئول عنهم}. فأنتم عند ربِّكم موقوفون، وعن ذريتكم مسئولون. { وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ } 37:24. مَنْ أهملهم فإنَّه يُضَيِّعُ نفسه، ويُضَيِّعُ أهل بيته ويُسْأَلُ عن ذلك يوم القيامة. ويقول النَّبي صلى الله عليه وسلَّم كما في حديث مَعْقَل إبن يَسَار رضي الله عنه: {ما من عبد يَسْتَرْعِيْهِ الله رَعِيَّةً، يموت يوم يموت، وهو غاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ؛ إلا حرَّم الله عليه الجنة}. ولكن المسلم إذا أصلح نِيَّتَهُ، وقام بما أوجَبَ الله عليه، وحفظ بيته، وتفقَّد ذرِّيتَه، أعانَهُ الله سُبْحانه وتعالى. يقول الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} 29:69.
.
faheemfb@gmail.com فهيم أبوخـطـوة ،، البريد الإلكتروني