خطب الجمـعة |
![]() |
|
222 |
|
بسم الله الرحمن الرحيم
الوقت (2020)
كتبها : عبد الرزّاق طاهر فارح
ترجمها إلى الإنجليزية: د . فهيم بوخطوة
15 جمادى الأولى
144110 يناير 2020
أحبتي في الله ،،
الوَقْتُ هُوَ الحَيَاة. الوقت هو العُمُرْ. هو بِضَاعَتُك ورأْسُ مالَك. فإِنْ ضاعَت بضاعَتُك وَرَأسُ مالِك، صُرْتُ مِنَ الخاسرين. جَعَلني الله وإيَّاكُم مِنَ الفائِزين. ولذلك ، الوَقْتُ نِعْمَةٌ مِنْ أعظَم نِعَمِ الله على العِباد. بَلْ لَقَد جَعَل الله الوَقْتَ آيةً مِنْ آياتِهِ جلَّ وعلا الَّتي تَسْتَحِقُّ الذِّكْرَ والشُّكر. قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} 25:62. فالوقتُ تَعَاقُب اللَّيل والنَّهار آياتان مِنْ آياتِ الله تَسْتَحِقُّ مِنَ العُقَلاءِ أنْ يتَفَكَّروا فيهما، وأنْ يتَدَبَّروا في شَرَفِهِمَا، وأن يشكروا الله جلَّ وعلا، وأن يذكروا نِعْمَةَ اللهِ عليهم في تَعَاقُبِ اللَّيْلِ والنَّهار. تَصَوَّرْ لَوْ كان الليل سَرْمَداً، أو كان النَّهَارُ أبَداً دائِماً لَتَغَيَّرَ وَجْهُ الكَوْنِ، ولـمَا إسْتَقَامَتِ الحَيَاة. لَكِنْ شَاءَ رَبُّــنَا جلَّ وعلا أن يتَعَاقَبَ اللَّيل والنَّهار كآيَةٍ التي تَسْتَحِقُّ الذِّكْرَ والشُّكْر.
ولِيَلْفِتَ ربّنا أَنْظَارَنا وقُلوبنا وعُقُولنا لِقَدْرِ الوَقْت، وقِيمَة الوقت. أَقْسَمَ الله بالوقت في آياتٍ كثيرةٍ في قُرآنِهِ. وَحِيْنَ يُقْسِمُ الحَقُّ تَبَارَك وتَعَالى، فإِنَّهُ يُرِيدُ أنْ يُبَيِّنَ لنا شَرَفَ هذا الشَّيء الذي يُقْسِمُ به. واعْلَم أنَّ الله جلَّ جَلَالُه، لَهُ أنْ يُقْسِمَ بِمَا شاءَ مِنْ خَلْقِه. وليس للمخلوقِ أنْ يُقْسِمَ إلاَّ بِخَالِقِه. لا يجوزُ لك أن تُقْسِمَ بِأبَاكَ ولا بِإُمِّكَ ولا بِالنَّـبي ولا بِحَياةِ أحَدٍ. وَإنَّما مَنْ كانَ حَالِفاً فَليحْلِف بالله. فأَقْسَمَ الله جلَّ وعلا بِالفَجْرِ فقال: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} 2-89:1 . وأَقْسَمَ الله جلَّ وعلا بِاللَّيْلِ فقال: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ} 2-92:1. وأَقْسَمَ الله جلَّ وعلا بِالعَصْرِ فقال: {وَالْعَصْرِ} 103:1. إلى غَيْر ذَلِك مِنَ الآيات التي يُبَيِّنُ لنا فيها ربَّنَا جلَّ وعلا قِيمَةِ الوقت، وشَرَفِ الزَّمَان.
يقول النّبي صلى الله عليه وسلّم كما في الحديثِ الصّحيح الذي رَواهُ البُخَاري مِنْ حديث إبن عبَّاس: {نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فيهِمَا كَثيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفَرَاغُ}. أنظُرْ كيف أنَّ الوقت نِعْمَة، بِمَعْنى: مَنْ وَظَّفَ الصِّحَّةَ والفَرَاغَ (أي الأوقات) في عمَلٍ للدِّينِ أو الدُنْيا، مادَامَ العَمَلُ حَلَالاً مشروعاً، فَهُوَ مَغْبُوطٌ. هذا هو الذي يُغْبِط. هذا هو الذي تفَضَّلَ الله عليهِ وأكْرَمَهُ رَبُّهُ جلَّ وعلا. ومَنْ لَمْ يُوَظِّفُ الصِّحَّةَ والفَرَاغَ في خَيْرٍ، مِنَ الدِّينِ والدُنْيا فَهُوَ مَغْبُون، أَيْ الـخُذُولُ والخُسْران. وهَؤُلاءِ كَثِيرون كما قال النّبي صلى الله عليه وسلَّم: {نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فيهِمَا كَثيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفَرَاغُ}.
يا عباد الله، الشَّبَابُ يَذْهَب، والحيّاةُ لا تَدُوم، والغِنَى لا يَسْتَقِرْ، والصِّحَّةُ لا تَسْتَمِرْ. فلا تغْتَرَّ بِصِحَّتِكَ، ولا بِغِنَاكَ، ولا بِقُوَّتِكَ، ولا بِشَبَابِكَ، ولا بِفَرَاغِكَ. فإِنَّهُ لا يبْقى لكَ شَيْئٌ مِنْ ذلك.
ولهذا قال النَّبي صلّى الله عليه وسلَّم: {إغْتَنِمْ خَمْساً قَبْلَ خَمْس. حَيَاتَكَ قَبْلَ مَوتِك، وشَبَابكَ قَبلَ هَرَمِك، وفَرَاغِك قبل شُغْلِك، وصِحَّتَك قبل سَقَمَكْ}.
إسمع كيف كان سَلَفَنَا الصَّالح يقولون: إذا مَرَّ بي يومٌ وَلَـمْ أَقْتَبِسْ هُدَىً، ولم أسْتَفِدْ عِلْماً، فَمَا ذَاكَ مِنْ عُمْرِي.
وقال الحَسَنُ البَصْرِي: مَا مِنْ يومٍ يَنْشَقُّ فَجْرُهُ إلاَّ وَيُنَادَى بِلِسَانِ الحَال: يا إبْنَ آدَمَ، أنا خَلْقٌ جديد، وعلى عَمَلَكَ شهيد. فاغْتَنِمْني، فإنِّي لا أعُودُ إلى يومِ القِيامة.
ويقول إبن عبَّاس رضي الله عنه: والله ما نَدِمْتُ على شَيءٍ كَنَدَمِي على يَوْمٍ غَرَبَتْ شَمْسُهُ قَلَّ فِيْهِ أَجَلِي، ولَمْ يَزِدْ فِيْهِ عَمَلي.
هؤُلاءِ هُمُ العُقَلاء. وهذِهِ هِيَ نَظْرَةُ العُقَلاء لِهَذِهِ النِّعْمَةِ العَظِيمة. لِنِعْمةِ الوَقْت، ولِقَدْرِ الوَقْت، ولِشَرَفِ الزَّمان. فَعَلينا يا عِبادَ الله أنْ نستفيدَ مِنْ أوْقاتِنا. وأنْ لا نُضَيِّعَ لَحْظَةً واحِدةً في مَا لا فائِدَةَ فِيْهِ. إذا ضَيَّعْتَ وَقْتَكَ سَتَنْدم يَومَ لا ينْفَعُ النَّدَم.
أحبَّتي في الله ،، ولِيَكُن العَبْدُ الـمُؤْمِنُ ناصِحاً لِنَفسِه، آخِذاً بِزِمَامِه، لِتَكُونَ نَفْسهُ مُنْقَادةً، مُطِيْعَةً، مُسَابِقَةً إلى الخَيرَات، راجِيَةً مَا عِنْدَ رَبِّ الأَرْضِ والسَّمَوَات، مِنْ عَظِيْمِ الرُّتَبِ وَرَفِيعِ الدَّرَجات.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ، إنَّه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله ،، الحمد لله الذي هدانا لهذا ،، وما كنَّا لنهتدي لولا أنْ هدانا الله
وأشهد أن لا إله إلا الله ،، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله ،،
صلّ الله عليه وعلى آلِه وأصحابه، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّين
أحبَّتي في الله ،، ألا صلُّوا وسلِّموا على من أمركم الله بالصلاةِ عليه
إنَّ الله وملائكته يصلُّون على النَّبي ،، يا أيُّها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلِّموا تسليما
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد ،، كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهم، إنَّك حميد مجيد
اللهم بارِك على محمد وعلى آل محمد ،، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهم، إنَّك حميد مجيد
اللهم إنَّا نسألك خير المسألة، وخير الدُّعاء، وخير النَّجَاح،
وخير العِلْم، وخير العَمَل، وخير الحياة، وخير المَمَات
وثبِّتنا وثقِّل موازينَنَا ، وحَقِّقْ إيماننا، وارفع درجاتنا
وتقبَّل صلاتنا وصيامنا وركوعنا وسجودنا، برحمتك يا أرحم الراحمين.
يارب ، لا تَدَعْ لنا ذنبًا إلا غفرته ، ولا همَّا إلا فَرَجْتَه،
ولا ديناً إلا قَضَيتَه، ولا مريضاً إلا شَفَيتَه،
ولا حاجة من حوائج الدنيا، لك رِضَى، ولنا فيها صلاح إلا قضيتها ويسَّرْتَهَا يا أرحم الرَّاحمين
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات ، والمؤمنين والمؤمنا
الأحياء منهم والأموات
إنَّك سميعٌ قريبٌ مجيب الدعوات
اللهم ربَّنَا آتِنا في الدنيا حَسَنَةً ، وفي الآخرة حسنة ، وقِنَا عذابَ النَّار
اللهم إنَّا نعوذ بك من والبَرَصِ والجُنُونِ والجُذَامِ ومِنْ سَيِّءِ الأسْقَام
اللهم إنَّا نعوذ بك من والبَرَصِ والجُنُونِ والجُذَامِ ومِنْ سَيِّءِ الأسْقَام
اللهم إنَّا نعوذ بك من والبَرَصِ والجُنُونِ والجُذَامِ ومِنْ سَيِّءِ الأسْقَام
اللهم تقبَّل مِنَّا ، إنَّك أنت السَّميعُ العليم
وتُب علينا يا مولانا إنَّك أنت التَّوَّاب الرحيم
اللهم إنَّا نُحِبُّ نَبِيُّك ونُحِبُّ أصحاب نَبِيُّك ،
فاحشرنا معهم وإن لم نعمل بِمِثْلِ أعمالهم ، يا أرحم الراحمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين
faheemfb@gmail.com فهيم بوخـطـوة ،، البريد الإلكتروني
|