Checkout

خطب الجمـعة

faheemfb@gmail.com

13

      

 

     

 

    


بسم الله الرحمن الرحيم

يوم عرفة ــ أفضال يوم عرفة

 

كتبها:  

ترجمها إلى الإنجليزية : د . فهيم بوخطوة

 

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وأصحابه وأحبابه الطيبين الطاهرين،

أما بعد:

لقد جاء في الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أن رجلا من اليهود قال له: ياأمير المؤمنين: آية في كتابكم لو نزلت علينا معشر اليهود لاتخذنا ذلك اليوم عيدا فقال: أي آية ؟ قال:
{اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} فقال عمر: إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه، والمكان الذي نزلت فيه، نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم بعرفة يوم الجمعة. نزلت في يوم عيد من يوم الجمعة ويوم عرفة.

أيها الحباب إن فضل هذا اليوم عظيم فقد اجتمع فيه فضلان فضل يوم الجمعة وفضل يوم عرفة، ومن فضائل يوم الجمعة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عنه
{ما طلعت الشمس ولا غربت على يوم أفضل من يوم الجمعة.} فهو اليوم الذي أكمل الله فيه الخلق، وهو الذي فيه خلق أدم وادخل الجنة وأخرج منها، وهو اليوم الذي فيه تقوم الساعة وهو اليوم الذي فيه ساعة مستجابة وهو يوم المزيد الذي يتزود فيه أهل الجنة بالنظر الى وجه الرحمان سبحانه، فأفضاله عظيمة جليلة.

أما يوم عرفة فمن أفضاله أنه اليوم الذي أكمل الله فيه الدين وأتم فيه النعمة، وإكمال الدين بان الله أتم أركان الإسلام وذلك بحج المسلمين في ذلك اليوم بعد فرض الحج، وأن إكمال الدين بأن إضمحل الشرك وظهلر التوحيد. أما إتمام النعمة يكون بغفران الذنوب، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
{إذا كان يوم عرفة ينزل الله إلى سماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة :فيقول: انظروا إلى عبادي، أتوني شعثا غبرا من كل فج عميق، أشهدكم أني قد غفرت لهم، فتقول الملائكة يارب فلان مرهق، فيقول قد غفرت لهم}

ومنها: أنه يوم العتق من النار كما جاء عن عائشة رضى الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
{ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو، ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء}

ومنها: أنه يوم ينكسر فيه الشيطان ويدحر فقد جاء في مسند الإمام أحمد  عن العباس بن مرداس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عشية عرفة لأمته بالمغفرة والرحمة فأكثر الدعاء … فلما كان من الغد دعا غداة المزدلفة فعاد يدعو لأمته فلم يلبث النبي صلى الله عليه وسلم أن تبسم فقال بعض أصحابه: يا رسول الله بأبي أنت وأمي ضحكت في ساعة لم تكن تضحك فيها فما أضحكك أضحك الله سنك؟ قال:
{تبسمت من عدو الله إبليس حين علم أن الله عز وجل قد استجاب لي في أمتي وغفر للظالم، أهوى يدعو بالثبور والويل ويحثو التراب على رأسه فتبسمت مما يصنع جزعه}. إن عدو الله إبليس ما رؤي في يوم أحقر ولا أصغر ولا أغيظ منه يوم عرفة، وذلك لما يرى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام إلا ما رؤي يوم بدر. [مالك في الموطأ من مراسيل طلحة بن عبيد الله].

ومنها: أنه أفضل يوم يدعاء فيه الله عز وجل فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال خير الدعاء:
{دعاء  يوم  عرفةوخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله احمد، وهو على كل شئ قدير}

كان حكيم بن حزام رضي الله عنه يقف بعرفة ومعه مئة بدنة مقلدة ومئة رقبة فيعتق رقيقه، فيضج الناس بالبكاء والدعاء ويقولون: ربنا هذا عبدك قد أعتق عبيده ونحن عبيدك فأعتقنا.
ورأى الفضيل تسبيح الناس وبكاءهم عشية عرفة فقال: أرأيتم لو أن هؤلاء صاروا إلى رجل فسألوه دانقاً أكان يردهم؟ فقالوا: لا، فقـال: والله للمغفرة عند الله أهون من إجابة رجل لهم بدانق!
وقال ابن المبارك: جئت إلى سفيان الثوري عشية عرفة وهو جاث على ركبتيه وعيناه تهملان، فقلت له: من أسوأ هذا الجمع حالاً؟ قـال: الذي يظن أن الله لا يغفر لهم!
ووقف بعض الخائفين بعرفة فمنعه الحياء من الدعاء! فقيل: لم لا تدعو؟ قال: ثَمَ وحشة، فقيل له: هذا يوم العفو عن الذنوب، فبسط يديه ووقع ميتاً!.
فلله تلك المواقف المشرفة، والبقاع المطهرة، والأزمنة المباركة!!

فيامن رأى هذه الجموع وقد استدبرت دنياها واستقبلت أخراها، واستوحشت من الأرض وحريقها، وطمعت في الجنان ورحيقها، جعلت بكاءها طريقاً إلى نجائها، وعبرتها سبيلاً إلى عبرتها .. مئات الآلاف تجأر إلى الله بمختلف اللغات، والله سبحانه السميع البصير لا تختلف عليه الألسنة ولا يشغله سؤال عن سؤال.

والحمد لله رب العالمين