Checkout

خطب الجمـعة

faheemfb@gmail.com

14

      

 

     

 

     


بسم الله الرحمن الرحيم

الحج 3 ــ من دروس الحج

 

كتبها: الشيخ  

ترجمها إلى الإنجليزية : د . فهيم بوخطوة

 

 

 

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وأصحابه وأحبابه الطيبين الطاهرين ،

أما بعد:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وبعد ...أيها الأحبة بعد إنتهاء هذا الركن العظيم ، الذي أكمل الله به الدين وأتم به النعمة، ينبغي علينا أن نقف عند أمور تعلمناها من هذا الركن، لأنه ما شرع هذا الركن وغيره من الأركان إلا لمصلحة ومنفعة تعود على الإنسان في المعاش والمعاد، كما قال ابن القيم: فإن الشريعة مبناها وأساسها الحِكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها.

قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون ، إن الله هو الرزاق ذي القوة المتين} [الذاريات:56-57].

قال تعالى: {لن ينال اللهَ لحومُها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم} [الحج:37]. قال ابن كثير: إنما شرع لكم نحر هذه الهدايا والضحايا لتذكروه عند ذبحها، فإنه الخالق الرزاق، لا أنه يناله شيء من لحومها ولا دمائها، فإنه تعلى هو الغني عما سواه. (تفسير القرآن العظيم 5/428).

وعن الصيام قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} [البقرة:183]. فثمرة هذه العبادة أن يحقق العبد التقوى.

قال تعالى: إن "
                               " [العنكبوت:45].

وفي الحديث: ((من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعداً))
[رواه ابن أبي حاتم في تفسيره]. والحج كسائر العبادات شرعها الله عز وجل لحكم، وواجب على كل مسلم  أن يسعى في تحقيق هذه الحِكم .


1-  ومن أهم الدروس التي تعلمناها من ركن الحج :ألا وهو توحيد الخالق ووحدة المخلوقين ، وتوحيد المعبود وتوحد المعبودين ، فمن التلبية التي يلهج بها كل حج ، والتكبير الذي يكبر به كل مسلم يتضح أن الله سبحانه وتعالى وأحد لا شريك له ، وواحد لا ند له وواحد لا مثيل ولا شبيه له ، وكل هذا التوحيد يستلزم أن يلبى وحده ، ويستعان به وحده , ويستغاث به وحده ، ويقصد بكل عباداتنا وحده ، كما قال سبحانه ((قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ 162 لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ  )) الأنعام

وتوحد المعبودين فما هذا الجمع الغفير الذي يحصل في تلك البقعة المباركة برغم من إختلاف عاداتهم وتقاليدهم وأجناسهم وأعراقهم وألسنتهم وألوانهم إلا دليل على توحدهم رغم كل ذلك وقد وحد هذا الدين بين الحسيب أبو بكر وسلمان الفارسي وصهيب الرومي وبلال الحبشي ، فكلهم لأدم وأدم من تراب .
2.  ومن الدروس التي تعلمناها من هذا الركن العظيم ،  ذكر الله، هذا المقاصد الذي أراده الله من هذه العبادة، حيث أراد أن ترتبط القلوب به خلال أيام الحج، فكان كثير من العبادات يهدي إلى ذكر الله، وهو ما نقرأه من خلال هذه النصوص.

قال تعالى {وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات} [الحج:27-28]

 ويصعد الحاج إلى عرفات ليدعو الله ويذكره قال : {خير الدعاء دعاء عرفة..} [رواه الترمذي 3585].

ويغادر الحاج عرفات إلى مزدلفة، إلى المشعر الحرام ليذكر الله.

{فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم)) البقرة:[198 ـ 199]. وهذا ما صنعه كما في صحيح مسلم: (ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلله ووحده، فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً) [مسلم ح 1218]. وهو ما صنعه أصحابه من بعده قال سالم: كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقدم ضعفة أهله، فيقفون عند المشعر الحرام بالمزدلفة بليل فيذكرون الله ما بدا لهم ثم يرجعون. [رواه البخاري ح 1676]. وتبدأ أيام منى وهي أيام ذكر لله قال الله: {واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى} [البقرة:203]

3- ومن دروس التي تعلمناها من الحج الاستسلام والامتثال لأمر الله، وهو ما نتربى عليه في عدد من شعائر الحج، وذلك نراه في امتثال الحاج وقيامه بالكثير من العبادات التي قد لا يرى وجه الحكمة فيها كالطواف والسعي وكونها سبعاً والابتداء بالطواف من الحجر الأسود، وللسعي من الصفا، ورمي الجمرات بسبع حصيات. وكل ذلك يصنعه الحاج امتثالاً لأمر الله واستسلاماً لشرعه.

وقف عمر أمام الركن فقال: (أما والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إستلمك ما استلمتك، فاستلمه ثم قال: فما لنا وللرمل (السعي الشديد بين الميلين الأخضرين في المسعى) إنما كنا راءينا به المشركين وقد أهلككم الله ثم قال: شيء صنعه النبي فلا نحب أن نتركه) [رواه البخاري ح 1605]. قال يعلى بن أمية: طفت مع عمر بن الخطاب فلما كنت عند الركن الذي يلي الباب مما يلي الحجر أخذت بيده ليستلم فقال: (أما طفت مع رسول الله ؟ قلت: بلى، قال: فهل رأيته يستلمه؟ قلت: لا، قال: فأنفذ عنك فإن لك في رسول الله أسوة حسنة). [رواه أحمد 255]. وهذا الدرس نتعلمه من هاجر حين تركها إبراهيم في بطحاء مكة حيث لا ماء ولا زرع فقالت: يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بها الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء فقالت له ذلك مراراً وجعل لا يلتفت إليها فقالت له: ((آلله الذي أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذن لا يضيعنا ثم رجعت)). [البخاري ح 3364]. قال عمر بن الخطاب( فيم الرملان  اليوم والكشف عن المناكب وقد أطأ الله الإسلام ونفى الكفر وأهله مع ذلك لا ندع شيئا كنا نفعله على عهد رسول الله  صلى الله عليه وسلم)[رواه ابن خزيمة ح1669، وأبو داود ح1887 ، وابن ماجه ح2952]


4- ومن دروس التي نتعلمها من الحج حسن الخلق والصبر على مشاقه حسبة لله وابتغاءً لأجره جل وعلا، وقد أشار رسول الله إلى هذه المشاق بما روي عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله على النساء جهاد؟ قال: ((نعم، عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة)) [ابن ماجه ح2901].


وأثناء هذا الجهاد ينبغي أن يتحلى بحسن العشرة وكريم الأخلاق والصبر على ما يصدر من الناس بسبب الزحام والتعب وغيره،قال تعالى: {فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} [البقرة:197]. قال : ((من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه)) [البخاري1521].

وعن جابر أنه سمع النبي يقول: {الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة. قيل: وما بره؟ قال: إطعام الطعام وطيب الكلام} [رواه أحمد ح 14073،و ابن خزيمة ح 2514].أيها الحبة أكتفي بهذا القدر وأسأل الله تعالى لي ولكم دوام الصحة والعافية مأن ومتعنا بحسن عبادته إنه جواد كريم .

والحمد لله رب العالمين .