Checkout

خطب الجمـعة

faheemfb@gmail.com

214

      

 

     
 

     


بسم الله الرحمن الرحيم

شهر شعبان                                        

كتبها : عبد الرزّاق طاهر فارح

ترجمها إلى الإنجليزية: د . فهيم بوخطوة

 

30 رجب 1440

05 أبريل 2019

 

أحبتي في الله ،،

غداً هو أوَّل يوم من شهر شعبان. هذا الشهر كان النَّبي صلى الله عليه وسلم يصوم مُعظم أيَّامه. كما روى البخاري ومسلم من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تعالى قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ، ويفطر حتى نقول لا يصوم. وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إستكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صيام منه في شعبان)). وفي رواية في صحيح مسلم ((وكان صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان إلا قليلاً)). وفي رواية أحمد وابن ماجه بسند حسن من حديث أسامة إبن زيد رضي الله عنهما وفيه أن أسامة قال للنبي عليه الصلاة والسلام: يا رسول الله ، لم أرك تصوم من الشهور ما تصوم في شعبان. فقال عليه الصلاة والسلام: {ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى الله عز وجل. وأحب أن يُرفع عملي إلى الله وأنا صائم}. وفي رواية أخرى في الصحيحين من حديث أنس أنه سُئِل عن صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أنس: (وأنس خادم النبي الأمين) فهو يحكي ما رأته عينه ، وما سمعته أذنُه. يقول أنس رضي الله عنه: ما كنت أحب أن أرى رسول الله صائما إلا رأيته، ولا مفطراً إلا رأيته، ولا قائماً بالليل [يصلِّي] إلا رأيته، ولا نائماً إلا رأيته. فرسول الله صلى الله عليه وسلم يعلِّم أمَّته الإعتدال. فلا إفراط ولا تفريط.

يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم {وأحب أن يُرفع عملي إلى الله وأنا صائم}. هل يا ترى أعددت من الأعمال ما تَسْعَدُ أن يُرفع في شعبان إلى الله جلَّ وعلا؟ وهل أنت مستعدٌ الآن أن تُرفع أعمالك الماضية إلى الله جلَّ وعلا؟ بل لقد نغفل كثيراً عن عرْضِ الأعمال إلى الله. كلَّ يوم نغفل. كلَّ يوم نأكل ونشرب وننام ونستيقظ إلى العمل، ونعهود لننام ولا نأكل ولا يُفكِّر كثيرٌ منَّا في عرض عمله اليومي على الرَّب العلي. كما في صحيح مسلم من حديث أبي موسى الأشعري أن النّبي صلى الله عليه وسلم قال: {إن الله عز وجل لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سُبُحَاتَ وجهه ما انتهى إليه بصرهُ من خَلْقِهِ}.

صار التذكير بعرض الأعمال على الله لا يُحرِّك إلا قلوباً قليلة تمتلأ بجلال الله وخشية الله، وتعظيم الله.

عباد الله،، الأعمال في شهر شعبان تُرفع إلى الله فأحرص على أن يُرفع عملٌ يُرضِي الله عنك. إحرص على أن تُرفع لك توبة، فالتوبة تَجُبُّ ما قبلها. إحرص على أن يُرفع لك إستغفار، يَجُبُّ الله لك به ما سبق. فالتَّوبة هي الأصل حتى في الكبائر. إذا ستر الله على مُرتَكِبِ كبيرةٍ فتاب إلى الله فأقْلَغَ عن الذَّنب، وندِم على ما مضى من الذُّنوب، وعَمِلَ عملاً صالحاً، يَغفِرُ الله له. بل يُبدِّلُ الله سَّيئاته حسنات. فأحرص على العمل الصالح صغيراً أو كبيراً. لأنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم يقول: {لا تُحقِّرَنَّ من المعروف شيئاً ولو تلقى أخاك بوجهٍ طليق}.

وقال النَّبي صلى الله عليه وسلم، والحديث حسَّنه الشيخ الألباني: {إذا كان ليلة النصف من شعبان فإنَّ الله تعالى يَغفِرُ لأهل الأرض إلا لمشرك أو مُشَاحِن}. في هذه الليلة يغفر الله لأهل الأرض إلا للمشركين لأن الله يقول: {إنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَ‌ٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ} 4:48. ولا يغفر للمشاحنين أي المتخاصمين على أمر الدنيا الزائلة، من أجل مالٍ زائلْ، ومن أجل منصب إلى غير ذلك. فهذا يُعَرِّض هذين إلى الحرمان من مغفرة الله في هذه الليلة.

فالعاقل هو الذي يعرف شرف زمانه ، وهو الذي يعرف قدر الأيّام التي يمر بها الآن في هذه الحياة. فقد تُسْلَبُ الحياة في أيّ لحظة من اللحظات ، ويود الإنسان أن لو عاد إلى الدنيا ليعمل صالحاً، فيُقال له: {كلا، حتى إذا جاء أحدهم الموتُ قال ربّ ارجعون لعلي أعمل صالحاً}. لعلِّي !! يريد العودة، ومع ذلك هو ليس متأكداً إن كان سيعمل صالحاً أم لا. ومع ذلك يأتيه الجواب: كلا إنها كلمة هو قائلها.  ولا قيمة لها. ومن ورائهم بزرخٌ إلى يوم يُبعثون.

فيا أيها الحبيب ، من الآن عاهد ربّك على التوبة والأوبة، على ترك الحرام، على ترك الذنوب والمعاصي، على ترك الربا، على ترك أموال اليتامى، على ترك العقوق، على ترك الإساءة إلى الجيران والناس جميعا  المسلمين وغير المسلمين. عاهد ربّك من الآن على المحافظة على الصلوات في وقتها، وعلى المحافظة على الأوامر والإبتعاد عن النواهي ما استطعت إلى ذلك سبيلا، وعلى الوقوف عند الحدود وأنت في غاية الحب لله ، والرِّضا عن الله.

 

 

 

Faheem Bukhatwa, my email address is : faheemfb@gmail.com