Checkout

خطب الجمـعة

faheemfb@gmail.com

208

      

 

     

     


بسم الله الرحمن الرحيم

العلم وفضله

كتبها: الشيخ  عبد الرزّاق طاهر فارح

ترجمها إلى الإنجليزية : د . فهيم بوخطوة

 

14 ذو القعدة 1439 هـ

27 يوليو 2018 م

 

أحبتي في الله ،،

الله جلَّ وعلا قد كرَّم العلم والعلماء. والنَّبي لم قد كرَّم العلم والعلماء. فلم يأمر الله جلَّ وعلا نبيَّه بطلب الزّادة من شيءٍ إلا من العلم. فقال جلَّ وعلا: {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا} 20:114. وما ذاك إلا لشرف العلم ومكانته. قال الله جلَّ وعلا: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ، لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} 3:18. قال إبن القيِّم رحمه الله تعالى: "شهد الله عزَّ وجلّ بذاته بالوحدانية، ثم ثنَّى بملائكته ثم ثلَّثَ بأهل العلم. وهذه هي العدالة في أعلى درجاتها، فإنَّ الله لا يستشهد بمجروح. إذاً هذه الآية تدل على شرف العلم وفضل العلماء". وقال الله جلَّ وعلا: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} 39:9. إعلموا عباد الله أنَّ العبد لا يستطيع أن يفوز برضوان الله جلَّ وعلا في الدنيا والآخرة إلا بالعلم. وما دام النَّاس على علمٍ صحيح فهُم في هُدًى وعلى خير. فإنْ نُزِع العلم وقُبِضَ العلم بقبض العلماء، وقعوا في الضَّلال والشَّقاء. كما دلَّ ذلك حديث عبد الله إبن عمرو في الصحيحين. الحياة القيقية هي حياة العلم لله جلَّ وعلا وبرسول الله وبِدِين الله تبارك وتعالى.

 

ما الفخر إلا لأهل العلم إنهم        على الهدى لمن إستهدى أدلاء

وقدرُ كلّ إمريءٍ ما كان يحسنه      والجاهلون لأهل العلم أعداء

فَفُزْ بعلم تعش حيًّا به أبداً          النَّاس موتى وأهل العلم أحياء

 

والنَّبي يقول كما في الحصيحين من حديث معاوية رضي الله عنه: {من يُرد الله به خيراً يُفَقِّهُ في الدِّين}. أي يُعلِّمه ويُفهِّمه. والحديث الذي رواه التمذي وإبن ماجة وغيرهم بسندٍ حسنٍ بشواهده من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه أن النَّبي قال:{منْ سَلَكَ طَريقًا يَبْتَغِي فِيهِ علْمًا سهَّل اللَّه لَه طَريقًا إِلَى الجنةِ، وَإنَّ الملائِكَةَ لَتَضَعُ أجْنِحَتَهَا لِطالب الْعِلْمِ رِضًا بِما يَصْنَعُ، وَإنَّ الْعالِم لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ منْ في السَّمَواتِ ومنْ فِي الأرْضِ حتَّى الحِيتانُ في الماءِ، وفَضْلُ الْعَالِم عَلَى الْعابِدِ كَفَضْلِ الْقَمر عَلى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وإنَّ الْعُلَماءَ وَرَثَةُ الأنْبِياءِ وإنَّ الأنْبِياءَ لَمْ يُورِّثُوا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا وإنَّما ورَّثُوا الْعِلْمَ، فَمنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحظٍّ وَافِرٍ}.

وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النَّبي ﷺ قال: {إذا مات إبن آدم إنقطع عمله إلاَّ من ثلاث صدقة جارية، أو علمٍ يُنتَفَع به، أو وَلَدٌ صالح يدعو له}. وفي الحديث الذي رواه الطَّبراني وأحمد بِسند جيِّد، عن صفوان إبن عسَّال المرادي رضي الله عنه قال:  أتيت النبي ﷺ وهو في المسجد متكئ على بُرد له أحمر فقلت له: يا رسول الله إني جئت أطلب العلم، فقال عليه الصلاة والسلام: {مرحباً بطالب العلم، إن طالب العلم لتحفُّه الملائكة بأجنحتها، ثم يركب بعضهم بعضاً حتى يبلغوا السماء الدنيا من محبتهم لما يطلب}.

 

العلم المعتبر شرحاً هو العلم الذي مَدَحَ الله أهله على الإطلاق. وهو علم الكتاب والسُّنَّة. وهل معنى ذلك أنَّ العلوم الأخرى كعلوم الطب والهندسة وعلوم الفك وعلوم الذَّرَّة وعلوم الجيولوجيا لا يُجرم صاحبه إذا تعلَّم هذا العلم. القاعدة الأصولية تقول: (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب). فالأمَّة في حاجة إلى هذه العلوم. فينبغي أن تقدِّم الأمّة من أبنائها من يتخصَّص في هذه العلوم، وأن يُصحِّح نِـيَّـته في أن يُفيد بهذه العلوم أُمَّتَه. بهذه النِّيَّة لعلَّ الله الاَّ يحرمه الأجر. بل لابد أن نُبدِعَ في كلُّ ميادين الحياة. أمَّا العلم الشرعي، فهذا هو الذي مدَحَ الله تبارك وتعالى أهله ومدَحَ رسول الله ﷺ أهله، وواجب على كلُّ مسلم أيٍّ كان تخصُّصه أن يكون على علم بالفروض والأصول. ثم إعلموا عباد الله أنَّ كل عِلمٍ لا يُفيد عملاً ليس في الشرع البتَّة ما يدلُّ إستحسانه. ما قيمة العلم إن تعلمناه دون أن نُحوّل في حياتنا منهج الحياة إلى واقع.

يقول الله جلَّ وعلا: {يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفۡعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لَا تَفۡعَلُونَ (3)} 3- 61:2. وقال الله جلَّ وعلا: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ  أَفَلَا تَعْقِلُونَ} 2:44.

العلم المعتبر هو الذي يدفعك إلى العمل. هو الذي يُوَرِّثُك الخشية، هو الذي يُوَرِّثُك حبَّ الطاعة، هو الذي يُوَرِّثُك بُغضَ المعصية، هو الذي يُوَرِّثُك الأدب مع النَّاس ومع الآخرين، هو الذي يُوَرِّثُك الخُلُق والحِلْم. فيا من يُريد الفوز في الدنيا والآخرة، يا من يريد الثَّبات في الفِتن، يا من يريد سبيل النَّجاة، لا نجاةَ إلا بالعلم، وهو كتاب الله وسُنَّة رسول الله ﷺ.

أَقُولُ قُولِيَ هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ فَاسْتَغْفِرُوهُ

.

 

faheemfb@gmail.com   فهيم أبوخـطـوة ،، البريد الإلكتروني