Checkout

خطب الجمـعة

faheemfb@gmail.com

163

      

 

     
 

     


بسم الله الرحمن الرحيم

معنى شهادة أنَّ محمداً رسول الله وحقوقه صلّ الله عليه وسلّم على أُمَّتَه

 

كتبها : الشيخ  د . يونس صالح

ترجمها إلى الإنجليزية : د . فهيم بوخطوة

 

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:

 

فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى كما أمركم الله في كتابه الحكيم فقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا}. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }.

عباد الله اعلموا أن من أعظم الواجبات بعد معرفة معنى لا إله إلا الله معرفة العبد لمعنى شهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فإن ذكر أحدهما يستلزم ذكر الأخرى، وشروط لا إله إلا الله هي شروط شهادة أن محمداً رسول الله، ونواقضها هي نواقض شهادة أن محمداً رسول الله. فمعنى شهادة أن لا إله إلا الله: لا معبود بحق إلا الله.

ومعنى شهادة أن محمداً رسول الله: الإقرار باللسان والاعتقاد الجازم بالقلب بأن محمداً بن عبد الله الهاشمي القرشي عبد الله ورسوله أرسله الله إلى جميع الخلق كافة من الجن والإنس.

ومقتضى هذه الشهادة: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع.

أيها المسلمون: ومن الحقوق العظيمة على المسلم معرفة حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته، فمن حقوقه علينا وعلى جميع المسلمين بل وعلى الناس جميعاً بل وعلى الجن:

*- الإيمان الصادق به صلى الله عليه وسلم وتصديقه فيما أتى به قال الله تعالى: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}. وقال عليه الصلاة والسلام: ”أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به“ [متفق عليه]. والإيمان به صلى الله عليه وسلم هو التصديق بنبوته وأن الله أرسله للجن والإنس، وتصديقه في جميع ما جاء به وقاله ومطابقة تصديق القلب بذلك شهادة اللسان بأنه رسول الله فإذا اجتمع التصديق به بالقلب والنطق بالشهادة ثم تطبيق ذلك بالعمل بما جاء به تَمَّ وكمل الإيمان به صلى الله عليه وسلم.

* ومن حقوقه صلى الله عليه وسلم على أمته: وجوب طاعته صلى الله عليه وسلم والحذر من معصيته فإذا وجب الإيمان به وتصديقه فيما جاء به وجبت طاعته؛ لأن ذلك مما أتى به، قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ }. وقال سبحانه: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}.

وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله“ [رواه البخاري].

*- ومن حقوقه صلى الله عليه وسلم على أمته: اتباعه صلى الله عليه وسلم واتخاذه قدوة في جميع الأمور والاقتداء بهديه، قال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} وقال تعالى: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} فيجب السير على هديه والتزام سنته والحذر من مخالفته، قال صلى الله عليه وسلم: ”فمن رغب عن سنتي فليس مني“ [رواه البخاري].

*- ومن حقوقه صلى الله عليه وسلم على أمته محبته صلى الله عليه وسلم أكثر من الأهل، والولد، والوالد، والناس أجمعين، قال تعالى: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}. وعن أنس t قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه: من ولده، ووالده، والناس أجمعين" [متفق على صحته].

*- ومن حقوقه صلى الله عليه وسلم على أمته احترامه وتوقيره ونصرته كما قال تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ}.

وحرمة النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته، وتوقيره لازم كحال حياته وذلك عند ذكر حديثه، وسنته، وسماع اسمه وسيرته، وتعلم سنته والدعوة إليها ونصرتها.

* ومن حقوقه صلى الله عليه وسلم على أمته: الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.

- وقال صلى الله عليه وسلم : "من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً" [رواه مسلم].

وقال صلى الله عليه وسلم : ”البخيل من ذكرت عنده فلم يصلِّ علي“ [رواه الترمذي وغيره وهو حديث ثابت].

*- ومن حقوقه صلى الله عليه وسلم على أمته: وجوب التحاكم إليه والرضى بحكمه صلّى الله عليه وسلّم قال تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} وقال عز وجل: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} ويكون التحاكم إلى سنته وشريعته بعده صلَّى الله عليه وسلَّم.

*- ومن حقوقه صلى الله عليه وسلم على أمته: إنزاله مكانته صلى الله عليه وسلم بلا غلو ولا تقصير فهو عبد الله ورسوله، وهو أفضل الأنبياء المرسلين وهو سيد الأولين والآخرين، وهو صاحب المقام المحمود والحوض المورود، ولكنه مع ذلك بشر لا يملك لنفسه ولا لغيره ضراً ولا نفعاً إلا ما شاء الله كما قال تعالى: {قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ}.

وقال تعالى: {قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}.

وقد مات صلى الله عليه وسلم كغيره من الأنبياء ولكن دينه باق إلى يوم القيامة: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ}.

وبهذا يعلم أنه لا يستحق العبادة إلا الله وحده لا شريك له: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}.

 والآيات في المعنى كثيرة، أما الأحاديث فمنها:

ما رواه الإمام البخاري بسنده عن عمر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

(لا تُطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مرين، فإنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله) .

وما رواه الإمام أحمد بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم:

(ما شاء الله وشئت! فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أجعلتني والله عدلا؟!بل ما شاء الله وحده).

أعوذ بالله من الشيطان {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم


 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتابُ الله وخير الهدي هدي محمد  صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

عباد الله، اتقوا الله تعالى، واعلموا: أن أعظم الواجبات معرفة العبد نبيه محمد  صلى الله عليه وسلم والاقتداء به والعمل بسنته وطاعته ظاهراً وباطناً كما قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.

هذا وصلوا وسلموا على خير الخلق نبينا محمد  صلى الله عليه وسلم : اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه، وارضَ اللهم عن أصحابه: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، وانصر عبادك الموحدين، اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء، اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجأة نقمتك، وجميع سخطك، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات الأحيا ءمنهم والأموات، واغفر لموتانا وموتى المسلمين، وقهم عذاب القبر وعذاب الجحيم برحمتك يا أرحم الراحمين. { رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }.

عباد الله { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }، فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم.

 

 


faheemfb@gmail.com   فهيم أبوخـطـوة ،، البريد الإلكتروني