Checkout

خطب الجمـعة

faheemfb@gmail.com

143

      

 

     
 

     


بسم الله الرحمن الرحيم

الصلاة عمود الدّين

 

كتبها : الشيخ  عمر علي

ترجمها إلى الإنجليزية : د . فهيم بوخطوة

 

07  ذو القعدة 1431

15  أكتوبـر 2010

 

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، " ومن لم يجعل الله له نور فما له من نور".

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، خصنا بخير كتاب أنزل وأكرمنا بخير نبي أرسل ، وأتم علينا النعمة بأعظم دين شرع دين الإسلام " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا"  وجعلنا بالإسلام خير أمة أخرجي للناس نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونؤمن بالله " وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتطونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا" .

 

وأشهد أن سيدنا وإمامنا وإسوتنا وحبيبنا محمدا عبدالله ورسوله ، أرسله ربّه بالهدى ودين الحق بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله وسراجا منيرا ، فعلم الناس من جهالة ، وهداهم من ضلالة ، واخرجهم من الظلمات إلى النور. ففتح الله به آذانا صما ، وأعينا عميا ، وقلوبا غلفا ، وهداهم به إلى الصراط المستقيم .

صلوات الله وسلامه عليه ، ورضوان الله على آله وأصحابه " فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون" . ورضوان الله عن الذين يدعون بدعوته ، المهتدين بسنته إلى يوم الدين.

 

النداء المحبب:

 

أما بعد أيها الإخوة المسلمون : يقول الله تبارك وتعالى في كتابه المبين (يا أيها الذين ءامنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون . وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج . ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول عليكم شهيدا وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير) الحج 76 . في هاتين الآيتين الكريمتين ايها الأخوة يخاطب الله الذين آمنوا ويستثير فيهم معاني الإيمان ، ويخاطبهم بهذه السمة الكريمة سمة المؤمنين. وقد قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه : " إذا سمعت الله يقول يا أيها الذين ءامنوا ، فارعها سمعك ، فإنها خير يأمر به ، أو شر ينهى عنه. " كما ذكره إبن كثير في تفسيرقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا) البقرة 104.

 

فأعيروني أيها الأخوة قلوبكم وأسماعكم:

قد تحدثنا في خطبة ماضية عن صلاة الجاعة في المسجد ، وأهميتها ، وعن فضلها وأجر الساعين إلى المساجد المحافظين على الجماعات.

واليوم بعون الله تعالى وحوله وقوته نتحدث عن الصلاة نفسِها التي هي عمود الدين ، ومفتاح الجنة ، ودليل الإيمان ، والفيصل بين الإيمان والكفر. حيث يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: " بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة" رواه مسلم .

وقال أيضا " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.

 

 

 

الصلاة وصية الأنبياء:

وحينما دعا إبراهيم ربه ، دعاه أن يجعل أبناءه من مقيمي الصلاة :(رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء) إبراهيم 40 .

وحينما أثنى الله على إسماعيل قال : (وكان يامر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند الله مرضيا) مريم 55.

وحينما خاطب موسى في لحظات الوحي الأولى قال له : ( وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى . إنني أنا الله لا إله إلا انا فاعبدني واقم الصلاة لذكري) طه 13ـ 14 .

وحينما أنطق الله كلمته عيسى بن مريم عليه السلام في المهد صبيا كان أول ما قال: ( ... إنني عبدالله آتاني الكتاب وجعلني نبيا . وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا) مريم 30 ـ 31 . ولما وصى لقمان الحكيم ابنه كان من أهم ما أوصاه به : ( يابني أقم الصلاة وأمر بالعرف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور) لقمان 17.

 

منزلة الصلاة :

تلك كانت منزلة الصلاة لدى الأنبياء والرسل وفي كل الأديان أما في الإسلام فإن لها منزلة خاصة، حيث كانت الصلاة أول ما فرض من العبادات ، حيث فرضت في مكة وفرضت بصورة لم تفرض عبادة أخرى بمثل هذه الصورة. فقد فُرضت العبادات كلها في الأرض ، وفُرضت الصلاة وحدها في السماء، بخطاب مباشر من الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج ، فهي بقية هذه الذكرى ، هي معراج كل مؤمن إلى الله تعالى .

 

حكم تارك الصلاة:

هذه أيها الأخوة هي الصلاة وهذه هي مكانتها في الإسلام، فكبف بمن لا يعرف لهذه الشعيرة وهذه الفريضة حرمة فلا يركع لله في عمره ركعة ثم يزعم انه مسلم ، أيكون مسلما من يترك الصلاة ولا يصلي . نرى في واقع حياتنا  اليوم مسلمين يُسمون باسم محمد واحمد وحسن وحسين وعبدالله وعمر وعلي ، ولكنهم لا يُصلون ، ولا يعرفون من الإسلام إلا اسمه ولا من المصحف إلا رسمه بل ربما حتى الرسم لا يعرفونه ، ولا يعرفون المساجد إلا سماعا هذا إن سمعوا . يبلغ أحدهم الثلاثين من عمره والأربعين بل والخمسين وربما أكثر ، ولم ينحني يوما لله راكعا ، ولا عفر جبهته يوما لله ساجدا، لا ويسمى هؤلاء بالمسلمين، ويُحسبون على أمة المليار ونصف المليار مسلم يالها من خيبة ، وأي خيبة . أين هؤلاء من الإسلام وأين الإسلام منهم ؟ إن اللقمة التي يأكلونها تلعنهم ، لأنهم يأكلون نعمة الله ولا يُؤدون شكرها . كيف بهؤلاء إذا وردوا الجحيم ؟ وسألهم أصحاب اليمين ما سلككم في سقر أيها المجرمون؟ (كل نفس بما كسبت رهينة . إلا أصحاب اليمين . في جنات يتساءلون . ما سلككم في سقر . قالوا لم نكن من المصلين . ولم نك نُطعم المسكين) المدثر 38ـ 41.

عباد الله :   إستمعوا معي إلى حكم الإسلام في من لا يصلي فقد أجمعت الأمة على ان من كان جاحدا للصلاة ، منكرا لفرضيتها بأنه كافر ، لأن شأنه شأن المشركين الذين وصفهم الله بقوله :(وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون) المرسلات 48 . إذا كان مستخفا بالصلاة مستهزءا بها ، ساخرا منها ومن اصحابها ، فهذا كافر مارق مرتد ولاشك، وهو مثل الذين قال الله تعالى فيهم : (وإذا ناديتم إلى الصلاة إتخذوها هُزؤا ولعبا ذلك بأنهم قوم لا يعقلون) المائدة 58. 

*وأما من تركها عمدا كسلا ، فهذا هو الذي اختلف فيه أئمة المسلمين :

1ـ قال الإمام أحمد ـ في المشهور عنه ـ وعدد من الصحابة والتابعين : هو كافر ليس بمسلم مادام لا يصلي ، ولا يؤدي حق الله تعالى بأداء هذه الفريضة ، استنادا غلى ظاهر الأحاديث التي جعلت الفاصل بين المسلم والكافر : ترك الصلاة . فعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال: " بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة" رواه مسلم.

2ـ ومذهب الإمامين الشافعي ومالك : أن تارك الصلاة عاص فاسق ، يُخشى عليه أن يختم الله له بالكفر ، والعياذ بالله ، إذا استمر على هذا لأنه يرتكب أكبر الكبائر في الإسلام ، ومن داوم على هذا الترك يُخشى أن يملأ السوادُ قلبه فيموت على غير الإسلام ، مالم يتب الله تعالى عليه ، وأن لولي الأمر ان يُقيم عليه الحد.

3ـ وقال ابوحنيفة هو فاسق آثم . ويجب على ولي الأمر أن يؤدبه ،  ويحبسه حتى يصلي  لأنه لا مكان البته لأحد في المجتمع الإسلامي لا يؤدى الصلاة التي هي حق الله على عبيده .

وهذا أخف المذاهب في هذه المسألة . أنه فاسق: ( وبئس الإسم الفسوق بعد الإيمان ...) الحجرات 11 . (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) .

 

المحافظة على الصلاة :

فالحذر الحذر أبها المسلم من أن تكون ممن يضيع الصلاة والحذر الحذر من أن تكون من الكافرين أو المرتدين عن الإسلام أو الفاسقين الذين يتركون الصلاة.  واعلموا إخوتي في الله ان رسول الله أمر بالحرص والمحافظة على هذه الصلاة والتي هي من سنن الهدى التي شرعها الله لنبينا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ، ونجاة يوم القيامة ، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نور ولا برهان ولا نجاة ، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وابي بن خلف) رواه احمد بغسناد جيد عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما وقال الشيخ شاكر غسناده صحيح .

 

قال ابن القيم رحمه الله : من شغله عن الصلاة ملكه حُشر مع فرعون ، ومن شغله عن الصلاة منصبه حُشر مع هاما ، ومن شغله عن الصلاة كنوزه وثروته حُشر مع قارون ، ومن شغله عن الصلاة تجارته حُشر مع أبي بن خلف: ( قل إن كان آباؤكم وابناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين) التوبة 24.

 

لا يعذر أحد في ترك الصلاة:

عباد الله: اعلموا وفقني الله وإياكم بأنه لا عذر لأحد في ترك الصلاة ، تحت أي ظرف من الظروف وفي أي مكان من الأمكنة سواء كان في المشرق او في المغرب ، سواء كان في السفر أو في الحضر ، في الصحة أو في المرض في الحرب او في السلم. فالمريض مأمور بالصلاة على الحال التي يقدر وبالطريقة التي يستطيع فــ : ( لا يكلف الله نفسا غلا وسعها ...) يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا ، فإن لم تستطع فعلى جنب"  لا تسقط الصلاة أيها الأخوة إلا عمن فقد الوعي ولم يفهم الخطاب ، أما ما دام واعيا مميزا ولو كان على سرير المرض لا يستطيع أن يتحرك ـ يمنة ولا يسرة ـ فعليه ان يُصلي. يُصلي بالإيماء موميا برأسه ، أو مثشيرا بحاجبيه محركا لسانه، على الحال التي يستطيع.

 

فالصلاة لأنها الركن الثاني من أركان بلغ من أهميتها وعظيم مكانتها،أنها لا تسقط عن المسلم ابدا ما دام عاقلا واعيا ولو كان في معمعان المعركة وفي ساح القتال يقول الله تعالى : ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين. فإن خفتم  (أي اشتد بكم الخوف في الحرب)  فرجالا أو ركبانا) البقرة 238 ـ 239. أي فصلوا راجلين أو راكبين ، صل وانت على الحال التي انت فيها ولو لم تستقبل القبلة . يقول الله تعالى : ( ولله المشرق والمغرب فأينما تزلوا فثم وجه الله..)  البقرة 115. بلا ركوع وبلا سجود ، هذه الأركان كلها تسقط عند الضرورة.  صل بوضوء وطهارة ، فإن لم تجد ماء أو لم تقدر على استعمال الماء فصل بتيمم ، فإن لاماء ولا ما تتيمم به فصل صلاة فاقد الطهورين : ( فاتقوا الله ما استطعتم) التغابن 16.

 هكذا يعلمنا الإسلام معنى الحرص على الصلاة حتى في أشد المواقف حرجا . وما ذلك إلا لعظيم شانها ، وعلو مكانتها ، فهي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين . فعن إبن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " بني الإسلام على خمس شهادة ان لا إله إلا الله ، وان محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، ، والحج ، وصوم رمضان) متفق عليه.

 

أداء الصلاة في أوقاتها :

أيها الأخوة المؤمنون إن على المؤمن أن يُحافظ على هذه الفريضة ، فيؤديها كما ينبغي أن تكون ، في أوقاتها ، قبل أن تفوته ، فيكون له الويل الذي توعد الله به المتشاغلين عن الصلاة في كتابه قال تعالى : (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون)  الماعون 4 ـ 5 . جاء في الأثر : " إنهم يتلهون ويتشاغلون بأعمالهم الدنيوية حتى يفوت وقت الصلاة " أي إنهم يُصلون الصلاة بعد وقتها فما بالكم بمن لا يُصلي؟ ما بالكم بتارك الصلاة أصلا؟

 

يقول الله تعالى : (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا) مريم 59 ـ 60 . قال ابن مسعود : وليس معنى أضاعوها تركوها بالكلية ، ولكن أخروها عن أوقاتها ، وقال سعيد بن المسيب إمام التابعين : هو أن لا يُصلي الظهر حتى يأتي العصر ، ولا يُصلي العصر إلى المغرب، ولا يُصلي المغرب إلى العشاء، ولا يُصلي العشاء إلى الفجر ، ولا يُصلي الفجر إلى طلوع الشمس. فمن مات وهو مصر على هذه الحالة ولم يتب وعده الله بغي وهو واد في جهنم بعيد قعره شديد حره أليم عقابه.

وقال تعالى : (يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون) المنافقون 9. قال جماعة من المفسرين : المراد بذكر الله الصلوات الخمس . فمن اشتغل عن الصلاة في وقتها بماله كبيعه وشراءه أو صنعته أو ولده كان من الخاسرين. ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أول ما يُحاسب عنه العبد يوم القيامة من عمله الصلاة فإن صلحت فقد أفلح وأنجح ، وإن فسدت فقد خاب وخسر" رواه مسلم .

 

مسؤلية المجتمع في الأمر بالصلاة :

عباد الله هذه هي الصلاة وتلك هي منزلتها، ولنعلم جميعا أن هناك مسؤلية كبرى تقع على عاتق كل مسلم رجلا كان أو امراة كبيرا كان أو صغيرا أن يأمرغيره بالصلاة فهي مسؤلية الزوج على زوجته بأن يامرها بالصلاة يقول تعالى : (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها . لا نسالك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى) طه 132.

(وأمر أهلك بالصلاة) أأمر أبناءك وبناتك بالصلاة ، عودهم عليها من الصغر ، حتى ينشأوا على الخير وعلى حب الصلاة .

وينشأ ناشئ الفتيان فينا… على ما كان عوده أبوه

  ولهذا جاء في الحديث )مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين ، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين) رواه أحمد وأبوداوود والحاكم .

 

إنها مهمة التربية الإسلامية التي تجب على الأباء تجاه أبنائهم تبدأ من هنا من تعليم الأولاد أمور دينهم وأمرهم بالصلاة. بعض الأباء والأمهات ما يهمه من أمر ولده هو أن يذهب إلى المدرسة ، وأن يوفر له حاجاته المادية ، وأن يُعطيه من النقود ما ربما أكثر من حاجته ، ولكن لا يبالي بعد ذلك أصلى أم لم يصلي؟ أكان مستقيما على أمر الدين أم كان منحرفا عنه؟ ماذا يفيد يا أيها الأخ المسلم أن يحمل ابنك ارقى الشهادات ويتسنم اعلى الدرجات ثم يكون بعد ذلك مصيره إلى النار وبئس القرار؟ أتحب ان يكون ابنك وفلذة كبدك في النار ؟ والله عز وجل يقول : (يا ايها الذين آمنوا قوا انفسكم واهليكم نارا وقودها الناس والحجارة ) التحريم 6 .

 

والمجتمع بأطيافه أيها الأخوة مسؤل أمام الله في الأمر بالصلاة فلا بد أن يكون المجتمع الإسلامي مجتمع يأمر افراده بالصلاة والمحافظة عليها أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر كما أمر الله سبحانه. فعلى سبيل المثال : إذا جاءك من يشاركك في تجارة فلابد أن تسأل أهو من أهل الصلاة أم لا؟ إذا كان عندك ابنة وجاء من يخطبها فاسأل : أهو من أهل الصلاة أم لا؟

 

كان السلف رضوان الله عليهم يسمون الصلاة (الميزان) بها يزنون الرجال ، وبها يزنون الأشخاص، فإذا أرادوا أن يسألوا عن دين الرجل وعن أخلاقه وعن سيرته ، سألوا أول ما يسألون عن صلاته؟ هل يعرفه أهل المسجد؟ هل يقوم لله تعالى في ساعات الصباح الباكر لصلاة الفجر في المسجد؟ هل يحرص على الجماعة ؟  ولو أننا فعلنا ذلك مع من يناسبنا ومع من يصاهرنا أو يشاركنا أو يعمل عندنا لحاصرنا تاركي الصلاة حصارا إجتماعيا أدبيا. وأجبرناهم على أن يحترموا شعائر الدين ويتحلوا بأخلاق المسلمين ولكن أحدنا لا يسأل. بقول الشاعر :

أبني إن من الرجال بهيمة في    …         صورة الرجل السميع المبصر

فطن في كل مصيبة في ماله و   …        إذا أصيب في دينه لم يشعر

 

الخاتمة:

وفي الختام أيها الأخوة علينا أن نحافظ على هؤلاء الصلوات حين يُنادى بهن فإنهن من سنن الهدى وإن الله شرع لنبينا سنن الهدى، ولو تركنا سنة نبينا لضللنا . فالصلاة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "عمود الدين " فهي قوة للروح وقوة للبدن ، وقوة للإرادة ، وقوة للخلق ، وقوة للمجتع ، فهي قوة روحية لأنها تصلك بالله تبارك وتعالى ، وبه تدخل إلى الله بغير باب, وتقف بين يديه بلا حجاب. فتكلم الله بلا ترجمان ، وتناجيه فتناجي قريبا غير بعيد، وتستعين به فتستعين بعزيز غير ذليل، وتسأله فتسأل كرما غير بخبل . تشف روحك وتصفو نفسك بين يديه سبحانه، حتى لتكاد تسمع قول الله تعالى في الحديث القدسي : (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فإذا قال : " الحمد لله رب العالمين" قال الله تعالى حمدني عبدي ، وإذا قال " الرحمن الرحيم" قال الله تعالى أثنى علي عبدي ، وإذا قال " مالك يوم الدين" قال مجدني عبدي، أي ـ عظمني ـ فإذا قال : " إياك نعبد وإياك نستعين" قال هذا بيني وبين عبدي، فإذا قال : " اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين" قال هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ) رواه مسلم .

 

واعلموا عباد الله أن الصلاة هي آخر ما وصى به النبي صلى الله عليه وسلم وهو على فراش الموت حيث كان يقول : " الصلاة وما ملكت أيمانكم".

 

نسأل الله أن يجمع كلمتنا على الهدى وقلوبنا على التقى ، وعزائمنا على عمل الخير وخير العمل

اللهم اجعل يومنا هذا خير من امسنا واجعل غدنا خيرا من يومنا واحسن عاقبتنا في الأمور كلها, وأجرنا من خزي الدنيا ومن عذاب الاخرة .

 اللهم اجعل كلمة الإسلام هي العليا ، واجعل كلمة أعدائه هي السفلى . اللهم أعلى بنا كلمة الإسلام ، وارفع بنا راية القرآن ، وحبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا ، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان ، واجعلنا من الراشدين فضلا مك ونعمة.

وصل اللهم على عبدك ونبيك ورسولك محمد ، وعلى آله وأصحابه وعلى التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين. ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما )

عباد الله : ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) فا اذكروا الله  العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون. وأقم الصلاة.

 

 

 


faheemfb@gmail.com   فهيم أبوخـطـوة ،، البريد الإلكتروني