Checkout

خطب الجمـعة

faheemfb@gmail.com

127

      

 

     
 

     


بسم الله الرحمن الرحيم

محبَّة الرسُّول صلّ الله عليه وسلَّم

  

كتبها : الشيخ  عمر علي 

ترجمها إلى الإنجليزية : د . فهيم بوخطوة

 

27 ربيع الأوّل 1430هـ

12  مــــــارس 2010م

 

 

 

﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ الأنعام 6/1. أحمده سبحانه وأثني عليه الخير كله لا أحصي ثناءً عليه وأشهد أن لا إله  إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبدالله ورسوله بعثه بالهدى ودين الحق بشيراً ونذيراً ، وداعياً إليه بإذنه وسراجاً منيراً، فعلم الناس من جهالة ، و هداهم من ضلالة، و أخرجهم من الظلمات إلى النور. فتح الله به آذانا صما، و أعينا عميا، و قلوبا غلفا، و هداهم به إلى الصراط المستقيم.  صلى الله عليه وسلم وعلى آله الأطهار وأصحابه الأبرار وعلى سائر عباد الله الصالحين الأخيار.

 أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة .

أيها المؤمنون اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ، فاتقوه رحمكم الله فإنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين .

أيها المؤمنون إن الله تعالى أرسل محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين وحجة على العباد أجمعين ، أرسله الله تعالى على حين فترة من الرسل وانطماس من السبل فهدى الله به إلى أقوم الطرق وأوضح السبل أوحى الله إليه : ﴿يا أيها المدثر . قم فأنذر﴾  فلم يزل صلى الله عليه وسلم قائماً بأمر ربه ومولاه لا يرده عن ذلك راد ، داعياً إلى الله لا يصده عنه صاد يبلغ دين الله ورسالته لا يخشى فيه لومة لائم ، أوذي في الله أبلغ الأذى في نفسه وماله وأهله وأصحابه كذبه قومه وعابوه وسفهوا رأيه وضللوه حاولوا قتله وسجنه أخرجوه من بلده طريداً سليباً ثم قاتلوه وحاربوه فكسروا رباعيته وشجوا رأسه وأدموا وجهه فكما في البخاري كان يقول: ((اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)) فتحمل في سبيل تبليغ دين الله وهداية عباد الله صنوف المشاق وألوان الأذى فكان عاقبة أمره فوزاً ونصراً فأشرقت برسالته الأرض بعد ظلمتها هدى الله به من الضلالة وبصر به من العمى فأنقذ الله به من آمن به ﴿ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾  الأعراف 7/157.

أيها المؤمنون عباد الله : إن من أكثر حقوق محمد بن عبدالله النبي الأمي الذي أنقذكم الله به من النار وهداكم به من الضلالة محبته صلى الله عليه وسلم محبة قلبية صادقة ففي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين)).

فحق على كل مؤمن بالله واليوم الآخر أن يحب النبي صلى الله عليه وسلم محبة يتجلى فيها إيثار النبي صلى الله عليه وسلم على كل محبوب من نفس ووالد وولد والناس أجمعين فمحبة النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم واجبات الدين وهي فرع من محبة الله تعالى وتابعة لها . فمحبة النبي صلى الله عليه وسلم وطاعته أصل من أصول الإيمان يجب على كل مسلم و مسلمة إعتقادها و الوفاء بها و الحذر من نواقضها. قال الله عز وجل: ﴿ قل إن كان آباؤكم و أبناؤكم و إخوانكم و أزواجكمو عشيرتكم و أموال إقترفتموها وتجارة تخشون كسادها و و مساكن ترضونها أحب إليكم من الله و رسوله و جهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره و الله لا يهدي القوم الفاسقين﴾ التوبة 9/24. قال القاضي عياض رحمه الله: (وكفى بهذا حـظا وتنبـيها، ودلالة وحـجة على إلزام محـبته، ووجـوب فرضها وعظم خـطرها، واستحـقاقه صلى الله عليه وسـلم لها، إذا قرع الله من كان ماله وأهله وولده أحـب إليه من الله ورسـوله وتوعدهم بقوله، -( فَتَرَبَّصُوا حَـتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ)- [التوبة 9/24]، ثم فسـقهم بتمام الآية وأعلمهم أنهم ممن ضل ولم يهده الله فقال : -( وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِـينَ)- وعن أنـس رضي الله عنه قال : قال رسـول الله صلى الله عليه وسـلم : «لاَ يُؤْمِنُ أَحَـدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَـبَّ إِلَيْهِ مِنْ َوَالِدِهِ ووَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»


وقال ابن القيم رحمه الله : (وكل محبة وتعظيم للبشـر فإنما يجـوز تبعا لمحـبة الله وتعظيمه كمحـبة رسول الله صلى الله عليه وسـلم وتعظيمه، فإنها من تمام محـبة مرسـله وتعظـيمه، فإن أمته يحـبونه لمحبة الله له ويعظمونه ويجـلونه لإجـلال الله له) ويقول عمرو ابن العاص رضي الله عنه : ما كان أحـد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه وسـلم ولا أجـل في عيني منه وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجـلالا له ولو سـئلت أن أصفه ما أطـقت لأني لم أكن أملأ عيني منه. وسئل زيد ابن الدثنة رضي الله عنه حـينما أخرجه أهل مكة من الحـرم ليقتلوه وقد كان أسـيرا عندهم أسروه في بئر معونة فقال : أنشـدك بالله يا زيد أتحـب أن محـمدا الآن عندنا مكانك نضرب عنقه وأنك في أهلك، قال : والله ما أحب أن محـمدا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأني جـالس في أهلي، فقال أبو سفيان : ما رأيت من الناس أحدا يحـب أحدا كحب أصحاب محـمد محـمدا.

هذا أيها الأخوة غيظ من فيض من أمثلة لحب أصحاب محمد لمحمد صلى الله عليه وسلم و من التابعين أختار نموذجا هو إمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه و أرضاه فقد كان إذا أراد الخـروج لتحـديث الناس، توضأ وضوءه للصلاة، ولبـس أحـسن ثيابه، وتطيب ومشط لحـيته، توقيرا لحـديث رسـول الله صلى الله عليه وسـلم.وقد روى مسـلم في صحـيحه عن أبي هـريرة رضي الله عنه أن رسـول الله صلى الله عليه وسـلم قال : «مِنْ أَشَـدِّ أُمَّتِي لِي حُـبًّا نَاسٌ يَكُـونُونَ بَعْدِي يَوَدُّ أَحَـدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ»(). اللهم صل وسـلم وبارك على عبدك ورسـولك نبينا محـمد.


أيها الأخوة المؤمنزن إن لمحبة الرسول علامات ودلائل تظهر حقيقة المحبة وصدقها ومن أبرز هذه العلامات

 أولا : متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم في أعماله وأقواله وأخلاقه وجميع شأنه قال الله تعالى : ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ آل عمران 3/131 وعن أنس رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من أحيا سنتي فقد أحبني ومن أحبني كان معي في الجنة)) رواه الترمذي فمن أحب رسول الله محبة صادقة أوجب له ذلك تمام المتابعة فتجد المحب الصادق في محبة النبي صلى الله عليه وسلم معظماً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم عاملاً بها حريصاً عليها في دقيق الأمر وجليله لا يعدل بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وهديه شيئاً من الأقوال أو الأفراد نسأل الله العظيم من فضله .

أيها المؤمنون : إن من دلائل محبة النبي صلى الله عليه وسلم

ثانيا:  الإكثار من ذكره فذكره صلى الله عليه وسلم سبب لدوام محبته في قلب العبد وتضاعفها فالعبد كلما أكثر ذكر المحبوب واستحضر محاسنه زاد حنيناً له وشوقاً إليه .

أيها المؤمنون : إن ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الذي تزداد به محبته والإيمان به يكون بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم : ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾ الأحزاب 3/56 لا سيما عند ذكره صلى الله عليه وسلم فإنه قد قال : ((البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي)) ومن ذكره صلى الله عليه وسلم معرفة سيرته وأيامه وأحواله وما جرى له ،سيرته صلى الله عليه وسلم من أسباب زيادة محبته صلى الله عليه وسلم.

أيها المؤمنون من دلائل محبة النبي صلى الله عليه وسلم

ثالثا:  نصرته والذب عنه وعن شريعته وتأييده ومنعه صلى الله عليه وسلم من كل ما يؤذيه ، ورفض أعدائه والمعاندين لشريعته قال الله تعالى : ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً. لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً﴾ الفتح 48/8-9 وتعزيره يكون بنصره وتأييده ، وتوقيره يكون بإجلاله وإكرامه صلى الله عليه وسلم .

أيها المؤمنون إن من محبة النبي صلى الله عليه وسلم الشوق إلى لقائه .

أيها المؤمنون إن من علامات المحبة

 رابعا: الشوق إلى لقائه وتمني رؤيته ففي صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم : ((من أشد الناس لي حباً ناس يكونون بعدي يود أحدهم لو رآني بأهله وماله)) هذه بعض علامات محبة النبي صلى الله عليه وسلم محبة صادقة نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يرزقنا محبة نبيه صلى الله عليه وسلم.

 

 

أيها الأخوة المؤمنون

فأوصيكم و اياي بتقوى الله تعالى في السر والعلن وتزودوا فإن خير الزاد التقوى . أيها المسلمون إن محبة النبي صلى الله عليه وسلم حق واجب وفرض لازم على كل مؤمن لا يتم إيمان العبد إلا بها . أيها المؤمنون عباد الله ليس من محبة النبي صلى الله عليه وسلم في شيء الغلو فيه صلى الله عليه وسلم بل الغلو فيه مضادة لشرعه ومحادة لله ورسوله ومخالفة لأمره ومشاقة له صلى الله عليه وسلم ففي صحيح البخاري من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : ((لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم فإنما أنا عبد فقولوا: عبدالله ورسوله)) وقال صلى الله عليه وسلم لقوم أثنوا عليه فأطنبوا : ((قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان)). فليتق الله قوم غلوا في النبي صلى الله عليه وسلم فابتدعوا في دين الله ما ليس منه وشرعوا من الدين ما لم يأذن به الله فأفرطوا في مدحه والثناء عليه ووصفه بما لا يجوز أن يوصف به إلا الله رب العالمين فوقعوا في الشرك بالله والعياذ بالله . أقول قولي هذا وأسـتغفر الله لي ولكم ولسـائر المسـلمين من كل ذنب فاسـتغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغـفور الرحـيم.

 

 

 


faheemfb@gmail.com   فهيم بوخـطـوة ،، البريد الإلكتروني