خطب الجمـعة |
|
|
43 |
بسم الله الرحمن الرحيم
أخلاقه صلَّ الله عليه وسلَّم
كتبها : ش
ترجمها إلى الإنجليزية: د . فهيم بوخطوة
01 01 1400 هـ
01 01 2000 م
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا يضل ومن يضلل فلا هادي له ، ولن تجد له من دون الله ولــيّا مرشدا . الحمد لله ، وصلى الله وسلم وبارك على رسوله وخيرته من خلقه ، وعلى من سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين .
موضوع خطبة هذا اليوم موضوع حبيب إلى النفوس المؤمنة ، هذا الموضوع هو (أخلاق النبي صلّى الله عليه وسلّم) وكيف لا يكون حبيبا إلى النفوس . الحديث عن أخلاق نبي بعثه الله رحمة للعالمين . نبي لا نكون مؤمنين حتى يكون أحب إلينا من أنفسنا ووالدينا والناس أجمعين . نبي لا يؤمن أحدنا حتى يكون هواه تبعا لما جاء به صلى الله عليه وسلم . نبي رغم أنف ، ثم رغم أنف ، ثم رغم أنف من ذُكر عنده فيم يصلي عليه صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين .
وهذا الموضوع العظيم الذي آثرت الحديث عنه ما أنا حياله إلا كقطرة من مطر أو غيظ من فيض . ولو إجتمع البلغاء والخطباء والعظماء على أن يوفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حقّه من وصف أخلاقه ومكارمه ومحامده لما إستطاعوا أن يوفوه حقه أو بعض حقه أو الإحاطة بعطمته أو إدراك فضله .
كيف ترقى رقيك الأنبيـاء يا سماء ما طاولتها سماء
مثل صـفاتـك للـنـاس كـما مثل النجوم الـماء
ولكن ما لا يدرك كله فلا يترك جلّه ، وما لا يدرك كثيره فلا يترك قليله ،
أيها الإخوة المسلمون إن الله تعالى نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد ، فاصطفاه لنفسه ، وابتعثه برسالته كما يقول إبن مسعود رضي الله عنه "وقد إصطفاه الله سبحانه وتعالى منذ ولادته ونشأته نشأة صالحة وأنبته نباتا حسنا متحليا بكل خلق كريم بعيدا عن كل وصف ذميم ، يشهد له بذلك موالوه ومعادوه"
شهد الأنام بفضله حتى العدا والفضل ما شهدت به الأعداء
ولكن من لم يشأ الله هدايته تعامى عن هذا كله وأظهر خلاف ما يبطن كيدا وحسدا . وفي توفيق الله للنبي صلى الله عليه وسلم للإتصاف بالصفات النبيلة والسلامة من الأخلاق الرذيلة قطع لألسنة أعداءه عن أن يعيّروه أو يصفوه بشيئ من النقص . ولهذا لما سأل هرقل عن ملك الروم أبا سفيان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : "هل يغدر" قال لا ، ولم يستطع مع شدّة عداوته لرسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت أن يقول أكثر من قوله بعد نفي الغدر عنه :"ونحن منه في مدة لا ندري ما هو عاعل فيها" قال: "ولم تمكني كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه الكلمة" وقد تحرز من الكذب خوفا من ملك الروم . فأعداؤه صلى الله عليه وسلم لا يستطيعون وصفه حقيقة بوصف معيب . أما الكدب والإفتراء عليه صلى الله عليه وسلم فقد قالوا عنه "أنه ساحر" وقالوا عنه شاعر وقالوا عنه أنه كاهن . وغير ذلك ، وقد صانه الله سبحانه من ذلك الذي قالوه وألصقوه به ومن كل عيب . وأنكر على المشركين إفتراءهم وكذبهم عليه فقال سبحانه : {فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون ، إنه لقول رسول كريم ، وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ، ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون ، تنزيل من رب العالمين}
وقال تعالى {وقال الذين كفروا أن هذا إلا إفك إفتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلما وزورا}
فكان بحق مصطفى صلى الله عليه وسلم متحليا بكل فضيلة متمثلا بكل كريمة ، نزها عن كل مننغصة ورذيلة قبل بعثه وفي جميع مراحل حياته صلى الله عليه وسلم .
عن أنس رضي الله عنه قال : (كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا) رواه الشيخان وأبوداوود والترمذي .
وعن صفية بنت . . . . . رضي الله عنها قالت "ما رأيت أحسن خلقا من رسول الله صلى الله عليه وسلم "
فقد نشأ كما أسلفنا صلى الله عليه وسلم في أول أمره إلى آخر لحظة من حياته متحليا بكل خلق كريم مبتعدا عن كل وصف ذميم . فهو أعلم الناس وأنصفهم وأفصحهم لسانا ، وأفراهم بيانا ، وأكثرهم حياءَ ، يُضرب به المثل في الأمانة والصدق والعفاف . أدبه الله فأحسن تأديبه ، فكان أرجح الناس عقلا ، وأكثرهم أدبا ، وأوفرهم حلما ، وأكملهم قوة وشجاعة