Checkout

خطب الجمـعة

faheemfb@gmail.com

166

      

 

     
 

     


بسم الله الرحمن الرحيم

المداومة على العمل الصَّالح

 

كتبها : الشيخ  عبد الرزّاق طاهر فارح

ترجمها إلى الإنجليزية : د . فهيم بوخطوة

 

08 شوَّال 1436 هـ

24 يوليو 2015 م

 

أحبتي في الله ،،

قضى الله وقدَّر أن تكون الأزمنة الفاضلة تتنوّع وتنقسم خلال العام . فلقد كُنَّا قد إستقبلنا وودّعنا شهر رمضان قبل أيام . وهي أيّام كما وصفها الله جلّ وعلا أنها أيّاماً معدودات. فقال جلّ وعلا {كتب عليكم الصِّيام كما كُتِب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون* أيَّام معدودات فمن كان ...}2 :183-184. فكانت هي أيّام معدودات مرّت علينا بأنوارها وبصلاتها وصيامها وقيامها. مرّت بصدقاتها في تلك الليالي والأيّام الفاضلات. تقبَّل الله تعالى مَن تقبَّل مِن عباده، وردَّ مَن ردَّ مِن عباده. وأسأل الله جلّ وعلا أن نكون فيها من المقبولين ، وأن نكون من عتقاء النّار أجمعين.

 

أيها الإخوة الكرام ، والآن قد إنتهى عنَّا شهر رمضان المبارك بما فيه من الفضائل، فإنّنا نترقّب هذه الأيّام مكمِّلاً من مكمِّلات الشهر الكريم . وهو ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: {من قام رمضان إماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه}. ثم قال عليه الصلاة والسّلام: {من صام رمضان ثم أتبعه بستٍّ من شوَّال، كان كصيام الدهر}. فيشرع للمسلم أن يُبادر دائما إلى الفضيلة.

 

فإذا مدح  النبي صلى الله عليه وسلم عملاً من الأعمال فيُشْرّع لأهل الإيمان أن يُقْبِلوا عليه. فيصوم المسلم والمسلمة سِتٌّ من شهر شوّال، تقرباً إلى ربِّ الأرض والسماء. لأجل أن يكون شهر رمضان الحسن بعشر أمثالها، فهو بعشرةِ أشهر. وتكون هذه السِتْ أيام بستين يوماً. فتُكمِّل شرين، ليُكمل الإنسان المسلم، كأنَّما صام هذا الدهر كله. أيها الأحبّة فنحمد الله جلّ وعلا أن يَسَّرَ لنا شهر رمضان، ونسأل الله جلّ وعلا أن يزيد لنا من فضله.

 

أيّها الإخوة المسلمون، إنَّ من علامات قَبُول العمل الصالح أن يزداد المرء عملاً صالحاً بعده. وأن يكون حالك بعد العمل الصالح خيراً من حالك قبله، وأن يكون حالك بعد رمضان في حرصك على الصلاة، وحرصك على الصِّيام، وكَفِّ أذالك عن النَّاس، وحِفْظكَ للسانك، وحرصك على الصّدقة. أن يكون حالك بعد رمضان خيراً من حالك قبل رمضان. وينبغي أن يشعر الإنسان المسلم بنفسه، وأن يشعر غيرُه أنَّه تغيَّر بعد رمضان.

 

فلذلك لمَّا تكلم أهل العلم عن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم "الحجُّ المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنَّة"، قالوا الحجّ المبرور هو الذي يكون حاله بعد الحجّ خيراً من حاله قبل الحج. يعني في صلاته وعبادته، ولسانه وسلوكه. وهذا من علامات قبول الحجّ. كذلك من علامات قبول الصِّيام أن يُأثِّر رمضان فيك. فإذا كُنتَ خلال رمضان إمتنعت عن أشياء مُحرَّمة، فينبغي أن تستمر على ذلك بعد رمضان. إن كنت خلال رمضان تشهد صلاة الفجر في المسجد فاستمر على هذا العمل الصالح بعد رمضان. إن كنت في رمضان لا يَمرُّ بك يوم إلا وقد تلوت من كتاب الله تعالى ما تنتفٍعُ به وتُرْفَع، فينبغي أن تحرص على ذلك أيضا بعد رمضان، وأن لا يكون حالك مع القرآن كحالك مع صيام الواجب الذي لا يجب إلا في رمضان، في كل سنة مرّة. كلا بل أن يكون القرآن لازماً لك على كلِّ حال. قال جلّ وعلا {إنّ الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلواة وأنفقوا ممّا رزقناهم سرّاً وعلانية يرجون تجارةً لن تبُور} 35 : 29. واعلم أنّ القرآن شفيعاً لأهله يوم القيامة. أهله الذين يعتنون به. أهله الذين يُجالسون به، أهله الذين لا يهتمّون به، أهله الذي لا يهجرونه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يا رب، إن قومِ اتّخذوا هذا القرآن مهجوراً}. مهجوراً، لا يتلون آياته، مهجوراً لا يتفكرون به، مهجوراً لا يكادُ أحدهم يُمسكه إلا رُبَّما إذا بكّر يوم الجمعة. لا ينبغي أن يهجر المسلم القرآن. بل ينبغي أن يكون رمضان محطة لزيادة الحماس، وزيادة الإرتباط الحقيقي بالقرآن. أسأل الله جلّ وعلا أن يتقبّلنا، إنّه سميع قريب مجيب الدعوات.

 

الخطبة الثانية:

 

ومن آثار المداومة علىالعمل الصالح، أنها سبب لحس الختام. لأنّ المؤمن لا يزال يجاهد نفسه بفعل الطاعات وترك المحرمات، حتى يقوي عَزْمه ويستقيم حاله ويستمر على العمل الصالح حتى الممات. قال تعالى: {يُثبِّت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويُضِلُّ الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء} 14 : 27.

 

 


faheemfb@gmail.com   فهيم أبوخـطـوة ،، البريد الإلكتروني