خطب الجمـعة |
|
|
88 |
بسم الله الرحمن الرحيم
دعم الفلسطينيين في غزّة
كتبها : ش عمر علي
ترجمها إلى الإنجليزية: د . فهيم بوخطوة
05 المحرّم 1430هـ.
02 يناير
2009
أيها الإخوة المسلمون:
أيها الأخوة المؤمنون أوصيكم ونفسي بتقوى الله (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون) (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء و اتقوا الله الذي تسائلون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ) (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما).
أيها الأخوة المؤمنون هل علينا با الأمس هلال عام هجري جديد حل علينا هذا العام و جاءت الهجرة في هذا العام والأمة الإسلامية تتقلب في آلامها وأحزانها وأوجاعها، لكنها سنة الله الماضية في الأولين والآخرين ، وناطقة بالحق المبين ، وهادية إلى الصراط المستقيم يقول الله تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ ) البقرة : {214} .
(إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) آل عمران :{140}
فلنستمد من الله العون ومنه السداد والتوفيق، ولنعلوا على آلامنا وأحزننا، آخذين بكل ما لدينا من أسباب وإن كانت قليلة، معتمدين على الله تعالى الذي أخرج نبيه من بلده الذي أحب ثم سماه نصرا حيث قال : ( إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) التوبة : 40
ويقول الله عز وجل: (وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) النساء : 104 جاء هذا العام مفتتحا بفاجعة هي العدوان الصهيوني الصليبي على إخواننا من أهل غزة في فلسطين إفتتح اليهود عامنا الهجري هذا بالولوغ في دمائنا و صدق الله القائل في محكم التنزيل: ( لايرقبون في مؤمن إلا و لا ذمة). ولأخواننا في غزة نقول لهم ما قاله الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اصبروا و صابروا و رابطوا و اتقوا الله لعلكم تفلحون).
أيها الأخوة المؤمنون ف:
إن الله سبحانه وتعالى عندما وصف هذه الأمة في رباطها وتآزرها بقوله سبحانه وتعالى: (وأن هذه أمتكم أمة واحدة و أنا ربكم فاعبدون) و بقوله جل وعلا (إنما المؤمنون أخوة) و الرسول عليه الصلاة والسلام و حد الأمة بعد تمزق ووثق وحدتها بعد تفرق فكانت وصاياه صلى الله عليه وسلم في هذا واضحة و جلية فرسول الهدى صلى الله عليه وسلم يصف الأمة في توادها وتراحمها و تعاطفها بقوله : " مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم و تعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى) و انطلاقا من هذه القاعدة الربانية علينا جميعا بكل مشاعرنا ووجداننا و أحاسيسنا أن نكون مع إخوننا في فلسطين مع إخواننا في غزة الصامدة و نحن نرى الدماء الزكية التي تهدر, و الأطفال التي تذبح و الأعراض التي تنتهك و المذابح التي تجري أمام سمع وبصر العالم و المساجد التي تهدم فوق روؤس المصلين:
حتى بيوت الله باتت تهدم ...على المصلين و لا من يرحم
و الصمت الدولي يخيم عليه السكون و هو يرى دماء الأطفال و النساء تسيل زاكية على ثرى فلسطين و في مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذه الجرائم ترتكب في حق أهل الإسلام و العالم المتحضر لا يحرك ساكنا و لا يسكن متحركا العالم الذي يدعي الإنسانية و حقوق الإنسان بل و تعداها ليصل إلى الدفاع عن حقوق الحيوان يقف متفرجا بل تقف أمريكا لترفع حق الفيتو في و جه أي قرار من مجلس الأمن يدين العدوان هذا المجلس الذي يتحرك فقط و فق الأجندة الصهيونية و لا يتحرك إذا سفكت دماء المسلمين. فنراه يساوي بين الضحية و الجلاد و يشجب صواريخ من صنع يدوي يطلقها الفلسطينيون للدفاع عن أنفسهم و يصرح ويبرر بأنه يتفهم حاجة إسرائيل للدفاع عن نفسها الله أكبر:
قتل علج كافر في غابة جريمة لا تغتفر ... و قتل شعب آمن مسألة فيها نظر
و صدق الله القائل : (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود و الذين أشركوا)
و القائل سبحانه : (و لا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا)
ويا ليت ذلك حرك عطف ذوي الأرحام ممن هم من قومنا ومن بني جلدتنا و لكن الخطب و الفاجعة إن هؤلاء الذين هم قادة هذه الأمة و رعاتها متواطؤون على ذبح آل فلسطين ظننا أنهم سيتحركون لنصرة الإسلام و الذود عن حياضه
ولكن لقد أسمعت لو ناديت حيا ... و لكن لا حياة لمن تنادي
ولو نارا نفخت بها أضاءت ... و لكن أنت تنفخ في رماد
...........................................................
ورب وامعتصماه أنطلقت ملء أفواه الصبايا اليتم
لامست أسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصم
أيها المؤمنون إننا نعيش اليوم أحداثاً مؤلمة من تسلُّط اليهود على إخواننا في فلسطين، وفي غزة تحديدا جعلت كثيراً من المؤمنين يتألمون ويحزنون ويشكون إلى الله هذا البلاء ويسألونه رفعه، فنسأل الله أن يرفع البلاء عن جميع المسلمين. ويصعب عليَّ أن أقول أو أتحدث في خضمِّ هذه الأحداث تجاه فلسطين، وإخوتي هناك يواجهون ويلقون أذلَّ العذاب وأقساه، إلا أنني أستطيع أن أقول: عذرا فلسطين. فنستغفر الله ثم نستغفر الله على موقفنا تجاه قضية الإسلام والمسلمين تجاه قضية فلسطين.. حتى الدعاءِ لهم والحرقةِ والغيرةِ عليهم لم تكن لها مساحةٌ واسعةٌ في حياتنا وإلا من رحم الله.
الإعتصام بحبل الله و اوحدة:
والذي يمكن أن يذكَّر به في هذه المحنة أنه يجب أن يعي المسلمون ويعلنوا أنه لا سبيل لاستخلاص الحقوق واستنقاذ المغتصبات في أي مكان وعلى أيَّ أرض إلا حين يعتصمون بحبل الله، ويكونون جميعًا ولا يتفرقون، يصطفّون عبادًا لله إخوانًا، يجمعهم نداء واحد، لا نداء غيره. و يجب أن تظهر الأخوةُ الإسلامية بين المسلمين وإن اختلفت ألوانهم وأشكالهم وبلادهم، وإن أبناء هذا الدين وهذه العقيدة يغار بعضهم على بعض ويتألم بعضهم لبعض.. وفوق ذلك كله يهُبُّ بعضهم لنجدة بعض بكل ما يملك من الوسائل المتاحة له.. تحقيقاً لقوله تعالى: ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ).ولقوله صلى الله عليه وسلَّم كما في الصحيحين: ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى )، وقوله صلى الله عليه وسلَّم في الصحيحين أيضاً: ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ).
حقيقة اليهود:
كما ترسَّخ لنا من هذه المحنة وفي غمرة هذه الأحداث و الجرائم البشعة التي يرتكبها يهود في أرض فلسطين , حقيقة اليهود، وأنهم شعب مجرم فاجر أهل غدر وخيانة، قتلة الأنبياء، ليس لهم عهد ولا ذمة، إن ضعفوا ذلوا وقبلوا، وإن تمكنوا تجبروا وطغوا، شعب متكبر يرون أنهم أفضل خلق الله، وأن بقية الشعوب إنما خلقت لخدمتهم.
أيها المسلمون: إن الذي ينظر إلى القضية بمنظار القرآن لن يخدع أبدًا, فالقرآن الكريم يقول: (أو كلما عاهدوا عهدًا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون)، ويقول: (وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة كلما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادًا والله لا يحب المفسدين..) ومن يتزود بزاد القرآن فلن يضعف أبدًا فقد وصفهم الله بأنهم أجبن خلق الله ( لا يقاتلونكم جميعًا إلا في قرىً محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى)، ومن يتعامل مع قضاياه على هدي القرآن فلن يضل أبدًا (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم) ومن صدق بما في القرآن فلن يتنازل عن حق أبدًا. وقد أخبرنا الله في كتابه عن خسة أمة اليهود، واستمع لما يقوله تبارك وتعالى عنهم: (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءوا بِغَضَبٍ مّنَ اللَّهِ ذالِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَـاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيّينَ بِغَيْرِ الْحَقّ ذالِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ) [ البقرة: 61 ]. ويظهر كذلك عباد الله ما يخفيه بنو يهود في صدورهم من الحقد والبغض للمسلمين يقول تعالى: (لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْواهِهِمْ وَمَا تُخْفِى صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الاْيَـاتِ إِنْ كُنتُمْ تَعْقِلُونَ [ آل عمران: 118 ]. ولِتعْلم إجرامهم حينما يتمكنون من المسلمين يقول تعالى: ( لاَ يَرْقُبُونَ فِى مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً ). ولنعلم شدة عداوتهم للمؤمنين يقول سبحانه وتعالى: ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لّلَّذِينَ ءامَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ ). إنهم قتلة الأنبياء كما أخبر الله بأنهم كَانُواْ يَكْفُرُونَ بآيات اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الأنبياء بِغَيْرِ حَقّ.
ولقد حاولوا قتل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة. حيث أرادوا أن يرموا حجراً من فوق جدار على النبي صلى الله عليه وسلم، وحاولوا قتله بإطعامه شاة مسمومة، وفي كل مرة ينجيه الله من غدرهم.
و لقد بين لنا ربنا تبارك وتعالى في كتابه عداوة اليهود في آيات كثيرة وأخبرنا بالحل الوحيد الذي يريدونه منا لتنتهي هذه العداوة ألا وهي كفرنا ودخولنا في ملتهم، فقال تعالى:(وَلَن تَرْضَىى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَـارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) [ البقرة: 120]. وقال جل وعلا: ( وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء ) [ النساء: 89 ]،( ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا).
أيها المؤمنون: هذه حقيقة يهود، وهي في كتاب الله منذ أربعة عشر قرناً، وتأتي هذه الأحداث لتظهرها لنا واضحة جلية..
الثبات أهم وسائل النصر:
أيها الأخوة المسلمون: ونحن ننظر إلى هذه الأحداث وكثرةِ مصابِ المسلمين وتجبرِ الأعداءِ على الموحدين، يجب علينا أن نستيقن أن الانتصار الحقيقي هو الثبات على المبادئ مهما كانت النتائج.
وحسبنا أن بعض الأنبياء عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام يأتوا يوم القيامة ولم يؤمن معهم أحد، وأصحاب الأخدود ثبتوا على دينهم فحُفرت لهم الأخاديد، وحُرِقوا بالنار، ولم ينجُ منهم أحد، حتى الذراري والنساء، ومع ذلك كان لهم الانتصار في قوله تعالى: ( ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ ).. وبعض الأنبياء آمن معه رجل واحد، ومع ذلك كتب الله لهم الانتصار كما قال عز وجل: ( إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا )، فالأنبياء قد انتصروا مع أن بعضهم قد قُتِل، وبعضهم يأتي يوم القيامة وليس معه أحد، فالانتصار الحقيقي هو الثبات على الدين والعقيدة حتى لقيا رب العالمين، فالتبديل والرجوع عن الدين هي أمنيتهم فينا. ومع تلك المآسي و هذه الجراحات، فإن هناك الأمل المشرق، والمستقبل الباهر - بإذن الله - الذي يبشر بفتح عظيم وانتصار قادم، بدت بوادره تظهر في زحمة الآلام والأحزان.
ولقد أرشدنا صلى الله عليه وسلم وعلمنا كيف يكون التفاؤل في أقسى الظروف والأحوال، فهاهو صلى الله عليه وسلم وهو يحدث عائشة - رضي الله عنها - ويجيبها عن سؤالها: هل مرّ عليك يوم أشد من يوم أحد فقال صلى الله عليه وسلَّم: ( لقد لقيت من قومك - وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة - إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت. فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا بـ ( قرن الثعالب ) فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلّتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني، فقال: ( إن الله عز وجل قد سمع قول قومك لك وما ردّوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال، لتأمره بما شئت فيهم.. قال: فناداني ملك الجبال، وسلّم علي، ثم قال: يا محمد، إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فيما شئت ؟ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين ؟ فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: ( بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً ) رواه مسلم. أي تفاؤل أعظم من هذا التفاؤل ؟ يخرج هائماً على وجهه من شدة ما يلاقي من قومه، ومع ذلك يقول لملك الجبال تلك المقالة.
إنها تدل على قوة إيمان، وثقة بالنصر، وبعد عن اليأس، وأمل مشرق، وتفاؤل لا يحدّه حدّ، فلم تكن تلك الظروف المحيطة به - مع ما فيها من آلام وأحزان - لتحول بينه وبين هذا الأمل، واستشراف المستقبل، وحسن الظن بالله..أما اليائسون والمتشائمون، فلم يستطيعوا أن يبنوا الحياة السوية، والسعادة الحقيقية في داخل ذواتهم، فكيف يصنعونها لغيرهم، أو يبشّرون بها سواهم، وفاقد الشيء لا يعطيه.
والتفاؤل الإيجابي هو المبنيّ على الثقة بالله، والإيمان بتحقق موعوده، متى ما توافرت الأسباب، وزالت الموانع (ولو شاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض ). " فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون" أيها المسلمون: إن من البشائر ومما يبعث الأمل ويقوي العزائم هذا التفاعل الذي شهده المسلمون وقرت به الأعين، هذا التفاعل من الأمة كلها في الأقطار الإسلامية كافة، جراء هذه الاعتداءات الآثمة. لقد أبدت الأمة بشعوبها وعلمائها والمخلصين من أبنائها ومثقفيها أبدوا مواقف مشرفة من الاستنكار ورفع الأصوات عالية مسموعة بالتنديد وفضح الأعداء وعدم الوقوف مكتوفي الأيدي في نداءات وكتابات وتحليلات وإعلام ومواقف سياسية.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه و الشكر له على توفيقه و امتنانه و الصلاة و السلام على المصطفى الداعي إلى رضوانه
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له و أشهد أن محمدا عبده ورسوله أيها الأخوة المؤمنون إننا في مثل هذه الظروف العصيبة و الكرب العظيم الذي نزل بإخواننا في أرض الرباط علينا واجبا يجب أن نقدمه لأخواننا في غزة لمساعدتهم حتى يستمروا في مقاومتهم و الذود عن بلادهم و أموالهم وأعراضهم في مواجهة المعتدين وكيد الغاصبين
، فالله تبارك وتعالى جعل الجهاد بالمال والنفس، قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم، تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون"(الصف 10).
ويمكننا أن نذكر بعض الوسائل التي يمكن ندعم بها إخواننا في فلسطين
فيمكن على سبيل المثال:-
1. دعمهم إيمانياً، بالدعاء لهم بالنصرة والتمكين، والثبات والصمود، فهذا أقل ما يجب علينا تجاههم، ولا يحقرن أحدنا هذه الوسيلة، الدعاء، فإنه سهم الله النافذ على الناس أجمعين، قال تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)، وليس بعزيز على الله أن ينتقم من هؤلاء المعتدين ويرد كيدهم.
2. دعمهم مادياً، بالتبرع لهم بالمال، للمصادر المأمونة، الموثوق بها، : " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة"
3. دعمهم طبياً، وذلك بإمدادهم بالدواء اللازم، والأطباء المهرة، فنداوي مرضاهم، ونطبب عليلهم، ونمرض جريحهم، ونسعفهم بكل ما يحتاجونه في هذا الباب.
4. دعمهم غذائياً، بتوفير الطعام والشراب اللازم لهم، ولأهليهم، الذين هجروا ديارهم بعدما دمرها المعتدون المجرمون، فنقدم لهم ما يحتاجونه من الغذاء الذي يعينهم على استمرارهم في الجهاد.
5. دعمهم إعلامياً، بنشر قضيتهم، والقيام بواجب التوعية بحقيقة الحرب التي يشنها أعداء الإسلام على المسلمين في فلسطين وأن نبين لهم حجم الدمار الواقع على إخواننا هناك، وأن نعرفهم بمدى معاناتهم.
اللهم إنا نسألك نصراً عاجلاً لإخواننا المسلمين في فلسطين والعراق وفي كل مكان.. اللهم ارحم ضعيفهم وأشفِ مريضهم وأجبر كسرهم وفك أسيرهم وأشبع جائعهم.. وآمن روعاتهم..
اللهم وحد صفَّهم وسدِّد رميهم.. واربط على قلوبهم وثبِّتهم على الحق يا قوي يا عزيز.. اللهم أدر الدائرة على عدوك وعدوهم، اللهم عليك باليهود ومن ناصرهم، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك اللهم لا تحرمنا لذة النصر عليهم يا جبَّار السموات والأرض.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم و لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
.
faheemfb@gmail.com فهيم أبوخـطـوة ،، البريد الإلكتروني