خطب الجمـعة |
|
|
20 |
بسم الله الرحمن الرحيم
النَّهي عن المنكر
كتبها : ش
ترجمها إلى الإنجليزية: د . فهيم بوخطوة
01 01 1400.
01 01 2000
الحمد
لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
، سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم وعلى آله وصحبه أجمعين . وأشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد ، يقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: [مثل القائم في
حدود الله والواقع فيها كمثل قوم إستهموا على سفينة فصار بعضهم أعلاها وبعضهم
أسفلها ، فكان الذين في أسفلها إذا إستقوا من الماء مروا على مَنْ فوقهم فقالوا:
لو أنّا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ مَنْ فوقنا . فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا
جميعا ، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً] وما يؤيّد ذلك قصة أصحاب السبت . فقد جعل الله تعالى يوم
السبت محرماً لبني إسرائيل وأمرهم بأن يخصوه لعبادته . ولا يشتغلوا بأمر من أمور
الدنيا . ولكن فريّة من فراهيم كانت حاضرة البحر فخالفت أمر ربها وأخذت في إصطياد
السمك يوم السبت . وقد ذكر القرآن الكريم بأن طائفة من أهل القرية لما نهتهم عن
ذلك ووعظتهم قالت لها طائفة ثالثة: {لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذبهم عذابا
شديدا} . فما كان جواب هؤلاء المصلحين إلا أن قالوا {معذرة إلى ربكم ولعلهم
يتّــقـون} وانقسم أهل القرية كما ترى إلى طوائف ثلاث:
1)
طائفة عصت أمر ربها وانتهكت حرمات الله
2)
وطائفة ثانية وعظتها وحاولت منعها
3)
وطائفة ثالثة لا عصت أمر الله تعالى ولا سعت
لردع الظالمين العصاة . يعقب القرآن ذكر هذه الطوائف الثلاث بقوله: {فلما نسوا
ماذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا
يفسقون فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين} الأعراف 164ـ165 فصرح القرآن في هاتين الآيتين بأمرين: الآوّل أن الطائفة
التي عصت وطغت أصابها عذاب الله . والثاني أن التي وعظت أنجاها الله . وذلك بدل من غير شك
أن الله تعالى إذا عذب قوماً نجّى الذين يقومون بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر . ولم يصرح القرآن الكريم بما صار إليه أمر الطائفة
الثالثة التي ما كانت تنتهك حرمة السب ولا تنهى الذين يقترفون هذه المعصية . فقال
بعض العلماء إنّها كانت من الناجين . ويرى البعض الآخر أنّها أصيبت بما أصاب الله
أختها الأولى . ويؤيّد ذلك قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم [والذي نفسي بيده
لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليُوشكنّ الله أن يبعث عليكم عقاباً منه
ثم تدعونه فلا يُستجاب لكم ] وإذا وقع العقاب فإنّه سيعم الجميع ولن يقتصر على
مستحقيه من المذنبين فقط . حيث لا تصيب الفتنة الذين ظلموا خاصة ، قال تعالي
{واتّقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب}
ويقول صلّى الله عليه وسلّم [إنّ النّاس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه
أوشك الله أن يعمّهم بعقاب منه] أيّها الإخوة المسلمون: إنّ هذا الدين لا يقوم إلاّ بجهد
وجهاد وأمر بمعروف ونهي عن منكر ، ولا يصلح إلا بعمل وكفاح . ولا بد لهذا الدين
من أهل يبذلون جهدهم لرد النّاس إليه ، ولإخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة
الله وحده ، ولتقرير ألوهية الله في الأرض ، ولإقامة شريعة الله في حياة الناس ،
وإقامة الناس عليها . اللهم اجعلنا هداة مهتدين لا ضالين ولا مضلّين ، اللهم
اجعلنا سامعين مطيعين وهيّئ لنا من أمرنا رشدا ، واكشف عنّا السوء بما شئت وكيف
شئت واغفر لنا ولوالدينا ولإخواننا من المسلمين والمسلمات وارفع راية الإسلام
ووفقنا لكل خير . ربّنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب
النار . آمين